للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا عبدُ الرَّحمن بنُ يحيي، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بنُ محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ داودَ، قال: حَدَّثَنَا سُحْنُونُ بنُ سعيدٍ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ وَهْب، قال: أخبَرني عمرُو بنُ الحارثِ، عن ابنِ شهابٍ، عن سالم بنِ عبدِ الله بنِ عمرَ، عن أبيه، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُعْطِي عمرَ بنَ الخطابِ العطاء، فيقولُ له عمرُ: أعْطِه يا رسولَ الله من هو أفْقَرُ إليه مِنِّي. فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"خُذْه فتمَوَّلْه أو تصدَّقْ به، وما جاءَك من هذا المالِ وأنت غيرُ مُشرفٍ ولا سائل فخُذْه، وما لا، فلا تُتْبِعْه نفسَك". قال سالمٌ: فمِن أجلِ ذلك كان ابنُ عمرَ لا يسألُ أحدًا شيئًا، ولا يَرُدُّ شيئًا أُعْطِيَه (١).

وفيه ما كان عليه عمرُ رحِمَه اللّهُ من البِدَارِ إلى طاعةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- التي فيها طاعَةُ الله، ألا ترَى إلى قولِه: واللّه لا أسألُ أحدًا، ولا يَأْتِينِي شيءٌ مِن غيرِ مسألةٍ إلَّا أخَذْتُه؟ وهكذا يَلْزَمُ مَن جَهِل شيئًا الانقيادُ إلى العِلْم واسْتِعْمالُه.

حدَّثني سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ وَضَّاح، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، قال (٢): حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ نُميرٍ، قال: حَدَّثَنَا هشامُ بنُ سعدٍ، عن زيد بنِ أسلمَ، عن أبيه، قال: سمِعتُ عمرَ بنَ الخطابِ يقولُى: أرسَل إليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بمالٍ، فرَدَدْتُه، فلمَّا جِئْتُه قال: "ما حَمَلك على أن تَرُدَّ ما أرسَلتُ به إليك؟ ". قال: قلتُ: يا رسولَ الله، قُلْتَ لي: "إن خيرًا لك ألَّا تَأْخُذَ من الناسِ". قال: "إنَّما ذلك أن تسألَ الناسَ، ومَا جاءَك مِن غيرِ مسألةٍ فإنَّما هو رزقٌ رزَقَكه اللّهُ".


(١) أخرجه مسلم (١٠٤٥) (١١١)، وابن خزيمة في صحيحه ٤/ ٦٧ (٢٣٦٦)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ١٨٤ (١٢٣٩٩) من طريق عبد الله بن وهب، به. وقوله: "فتَموَّله" أي: اجعله لك مالًا. وقوله: "وأنت غير مشرفٍ" قال البغوي في شرح السُّنة ٦/ ١٢٨: "كأنه أراد وأنتَ غيرُ طامعٍ فيه، ولا متطلِّعٍ إليه، يقال: أشْرَفتُ الشيءَ: إذا علوتُه، وأشرفتُ على الشيء: اطَّلعت عليه من فوق".
(٢) في مصنفه (٢٢٤٠٧)، وهو عند عبد بن حميد (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>