للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَدَّثَنَا خلفُ بنُ سعيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ خالدٍ، قال: حَدَّثَنَا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ، قال: أخبرَ نا عبدُ الرَّزَّاقِ. فذكَر بإسنادِه مثلَه (١) سواءً.

وفي هذا الحديثِ منَ الفقْهِ ما يدخلُ في تفسيرِ قولِ الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: ٦٠]. وتفسير لقولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحل الصَّدقةُ لغنيٍّ، ولا لذِي مِرَّةٍ سويٍّ" (٢)، وقولُه هذا عُمومٌ مخصوصٌ بقولِه في هذا الحديثِ: "إلَّا لخمسةٍ".

وأجمَعَ العلماءُ أنَّ الصَّدقةَ المفروضةَ لا تحلُّ لأحدٍ مِن الأغنياء غيرِ مَن ذُكرَ في هذا الحديثِ منَ الخمسةِ الموصوفينَ فيه، وكانَ ابنُ القاسم يقولُ: لا يجوزُ لغنيٍّ أنْ يأخذَ مِن الصَّدقةِ ما يستعينُ به على الجهادِ وينفقُه في سبيلِ الله، وإنَّما يجوزُ ذلك للفقيرِ. قال: وكذلك الغارمُ لا يجوزُ له أنْ يأخذَ منَ الصَّدقةِ ما يَقِي بها مالَه ويؤدِّي منها دينَه، وهو عنها غنيٌّ. قال: وإذا احتاجَ الغازِي في غزوتهِ -وهو غنيٌّ له مالٌ غائبٌ عنه- لم يأخذْ مِن الصَّدقةِ شيئًا، واستقرضَ، فإذا بلغَ بلدَه، أدَّى ذلك مِن مالِه.

هذا كله ذكَره ابنُ حبيبٍ، عن ابنِ القاسمِ، وزعَم أنَّ ابنَ نافعٍ وغيرَه خالفه في ذلك.

وذكَر (٣) ابن أبي زيد وغيرُه، عن ابنِ القاسمِ، أنَّه قال في الزَّكاةِ: يُعطى منها الغازِي وإنْ كان معه في غزاتِه ما يكفِيه مِن مالِه وهو غنيٌّ في بلدِه (٤).


(١) في د ١: "مثله وإسناده".
(٢) سلف تخريجه.
(٣) في ق: "وروى".
(٤) وكذا نقل ابن القاسم نفسه عن مالك قوله: يُعطى من الزكاة ابنُ السبيل وإن كان غنيًّا في بلده إذا احتاج، وإنما مَثَل ذلك مَثَلُ الغازي في سبيل الله يُعطى منها وإن كان غنيًّا. ينظر: المدوّنة ١/ ٣٤٦، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>