للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى ابنُ وهبٍ، عن مالكٍ أنَّه يُعطَى منها الغُزاةُ، ومَن لزِمَ مواضعَ الرِّباطِ، فُقراءَ كانوا أو أغنياء.

وذكَر عيسَى بنُ دينارٍ (١) في تفسيرِ هذا الحديثِ، قال: تحِلُّ الصَّدقةُ لغازٍ في سبيلِ الله قد احتاجَ في غزوتِه، وغابَ عنه غناه ووَفْرُه (٢)، قال: ولا تحلُّ لمنْ كان معه مالُه منَ الغزاةِ، إنَّما تحلُّ لمنْ كان مالُه غائبًا عنه منهم (٣).

قال عيسَى: وتَحِلُّ لعامل عليها، وهو الذي يجمعُها للمساكينِ مِن عندِ أربابِ المواشِي والأموالِ، فهذا يُعطَى منها على قدرِ سعيِه، لا على قدرِ ما جمَع مِن الصَّدقاتِ والعشورِ، ولا يُنظرُ إلى الثُّمُنِ، وليسَ الثَّمُنُ بفريضةٍ، وإنَّما له قدرُ اجتهادِه وعملِه.

قال: وتحلُّ لغارم غُرمًا قد فَدَحَه (٤) وذهبَ بمالِه، إذا (٥) لم يكنْ غُرمُه في فسادٍ، ولا دَينُه في فسادٍ، مثلَ أنْ يستدينَ في نكاح أو حجٍّ، أو غيرِ ذلك مِن وُجُوهِ الصَّلاح والمباح.

قال: وأمَّا غارمٌ لم يَفْدَحْهُ الغُرْمُ، ولم يحتجْ، وقد بقيَ له مِن مالِه ما يكفِيه، فإنَّه لا حقَّ له في الصَّدقاتِ.

قال: وتحلُّ لرجلٍ اشتراها بمالِه، ولرجلٍ له جارٌ مسكينٌ تُصدِّقَ عليه، فأهدَى المسكينُ للغنيِّ.


(١) عيسى بن دينار الغافقي، مفتي الأندلس، كان مقدَّمًا في الفقه على يحيى بن يحيي، توفي سنة (٢٦٢ هـ). له ترجمة في تاريخ ابن الفرضي ١/ ٤٢٦ (٩٧٣) والتعليق عليه.
(٢) الوَفْرُ: المالُ الكثير الوافر الذي لم يَنقُصْ منه شيءٌ. اللسان مادة (وفر).
(٣) ينظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١/ ٤٩٧، ومنح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد بن أحمد عليش المالكي ٢/ ٩١.
(٤) أي: أثقَلَه، يقال: فَدَحَه الأمر والحِمَلُ والدَّين، يَفدَحُه فَدْحًا: أثقَلَه. اللسان مادة (فدح).
(٥) في د ١: "إنما".

<<  <  ج: ص:  >  >>