للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هذه الجيوشِ الذينَ يخرجونَ فيفسدونَ في الأرضِ، ويقطعونَ السَّبيلَ (١)؟ قال: فقلتُ: فتأمرُها بماذا؟ قال: آمرُها أنْ تُنفقَه على أهلِ الخيرِ، وعلى حُجَّاجِ بيْتِ الله، أولئكَ وفدُ الرحمنِ، ليسوا كوفدِ الشَّيطانِ. يُكرِّرُها ثلاثًا. قلتُ: وما وفدُ الشَّيطانِ؟ قال: قومٌ يأتونَ هؤلاء الأمراء، فيمشونَ إليهم بالنَّميمةِ والكذبِ، فيُعطَونَ عليها العطايا، ويجازَونَ عليها بالجوائزِ (٢).

وفي هذا الحديثِ أيضًا دليلٌ على أنَّ مَن جازَ له أخذُ الصَّدقةِ، وحلَّتْ له، أنَّه يتصرَّفُ فيها ويملِكُها، ويصنعُ فيها ما شاء مِن بيعٍ، وهبةٍ، وغير ذلك ممَّا أحبَّ؛ ولذلك ما يطيبُ أكلُها لمنِ اشتراها، ولمنْ أُهديَتْ إليه. وقد تقدَّمَ القولُ في معنَى هديَّةِ المسكينِ مِن الصدقةِ للغنيِّ، في بابِ ربيعةَ، في قصَّةِ لحم بَرِيرةَ؛ إذْ قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "هو عليها صدقةٌ، وهو لنا هديَّةٌ" (٣).

حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ عمرَ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ فُطَيسٍ (٤)، قال: حدَّئنا محمدُ بنُ إسحاقَ بنِ سَبُّوية السِّجْسِيُّ (٥)، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الرَّزَّاقِ، قال (٦): أخبَرنا معمرٌ، عن يحيَى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمةَ بنِ


(١) في ق: "السبل".
(٢) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ١/ ٤١٢ - ٤١٣ (٨٩٠) من طريق عبد الرَّحمن بن أبي نُعْم مختصرًا. وهو في السِّير لأبي إسحاق الفزاري (٨٩) من طريق أبي التَّياح يزيد بن حميد الضَّبعي عن ابن عمر، به.
(٣) سلف تخريجه.
(٤) في ق: "حَدَّثَنَا ابن فطيس".
(٥) في د ١: "السجستي".
(٦) في تفسيره ١/ ٢٧٩، وأخرجه عنه أحمد في المسند ٤٤/ ٢٤٢ (٢٦٦٢٨)، وهو عند الطبراني في الكبير ٢٣/ ٢٥٩ (٥٣٩) من طريق عبد الرزاق، وهم عندهم بلفظ: "فأقرها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن تقبلَها". وأما اللفظ المذكور عند المصنّف فهو عند أحمد في المسند ٤٥/ ٤١٣ (٢٧٤٢٤)، ومسلم (١٠٧٣) (١٦٩) وغيرهما من طرق عن الليث بن سعد، عن ابن شهاب عن عُبيد بن السَّبَّاق عن جُويرية زوج النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وسيسوقه المصنّف بإسناده في الحديث التالي بعده، ولكن من طريق ابن عيينة عن الزهري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>