للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُهداةً" (١) صلواتُ الله وسلامُه عليه، فلا يجوزُ ادِّعاءُ الخصوص عليه في شيءٍ إلَّا فيما بأن به خُصوصُه في القرآنِ، أو السُّنَّةِ الثابتةِ، أو الإجماعِ؛ لأنَّا قد أُمِرنا باتِّجاعِه والتَّأَسِّي به، والاقتداءِ بأفعالِه، والطَّاعةِ له، أمرًا مُطلقًا، وغيرُ جائزٍ عليه أن يُخَصَّ بشيءٍ فيسكُتَ لأُمَّتِه عنه، ويترُكَ بيانَه لها وهي مأْمورةٌ باتِّباعِه، هذا ما لا يظنُّه ذُو لُبٍّ مسلمٌ بالنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

حدَّثنِي سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا جعفرُ بنُ محمدٍ الصَّائغُ، قال: حَدَّثَنَا إبراهيمُ بنُ النذرِ، قال: حَدَّثَنَا عيسى بنُ المغيرةِ، عن أبي مودودٍ (٢)، عن نافع، قال: رأيْتُ ابنَ عمرَ إذا ذهَب إلى قُبورِ الشُّهداءِ على ناقتِه ردَّها هكذا وهكذا، فقيلَ له في ذلك، فقال: إنِّي رأيْتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الطَّريقِ على ناقتِه، فلعلَّ خُفِّي يقعُ على خُفِّه (٣). وهذا غايةٌ في الاقتداءِ والتَّأسِّي برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.

وحدَّثني أحمدُ بنُ فتحِ بنِ عبدِ الله، قال: حَدَّثَنَا الحسنُ بنُ الخَضرِ، قال: حَدَّثَنَا أبو العلاءِ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ جعفرٍ الوَكِيعيُّ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ ابنُ الصبّاحِ، قال: حَدَّثَنَا إسماعيلُ بنُ زكريَّا، عن الأعمشِ، عن مسلم بنِ صُبيح، عن مسروقٍ،


(١) أخرجه الدارمي في سننه ١/ ٢١، والترمذي في العلل الكبير (٦٨٥)، والبزار في مسنده ١٦/ ١٢٢ (٩٢٠٥)، وابن الأعرابي في معجمه (٢٣٨٧)، والطبراني في الأوسط (٢٩٨١)، وفي الصغير (٢٦٤) من طرقٍ عن مالك بن سعير عن الأعمش بن أبي صالح عن أبي هريرة.
وقد اختلف فيه عن الأعمش، فرواه وكيع عن الأعمش عن أبي صالح ذكوان السَّمان مرسلًا، أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١/ ١٩٢ - ١٩٣، وابن أبي شيبة في مصنفه (٣٢٤٤٢)، والدارمي في سننه ١/ ٢١ (١٥)، وقد ذكر الدارقطني في علله ١٠/ ١٠٢ (١٨٩٧) الاختلاف فيه عن الأعمش، وصوَّب الرواية المرسلة فقال: وخالفه وكيع فرواه عن الأعمش عن أبي صالح عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مرسلًا، وهو الصواب.
(٢) هو عبد العزيز بن أبي سليمان الهذلي، أبو مودود المدنيّ.
(٣) أخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ٢٤٩ (١٠٦٠٠) من طريق جعفر بن محمد الصائغ، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>