للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين (١). وقال -صلى الله عليه وسلم- في الوِصالِ: "إنِّي لستُ كهيئتِكم؛ إنِّي أبِيتُ يُطعمُني ربِّي ويَسقينِي" (٢). فأخبرَ بموضعِ الخصوص على أنَّ من العلماءِ مَن لم يجعَلِ الوصالَ خُصوصًا له، وجعَله من بابِ الرِّفقِ والتَّيسيرِ على أُمَّتِه، وسنبيِّنُ القولَ في ذلك في كتابِنا هذا عندَ ذكرِ هذا الحديثِ إن شاء اللّهُ. قال اللّهُ عزَّ وجلَّ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٢، ٥٣]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "خُذوا عنِّي مناسكَكم" (٣). وقال: "صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي" (٤). وقال عبدُ الله بنُ عمرَ: إنَّ اللّهَ بعَث إلينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ونحن لا نعلَمُ شيئًا، فإنَّما نفعلُ كما رأيناه يفعلُ (٥).

وفي غضبِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وقوله: "واللّه إنِّي لأخشاكم للّه وأعلمُكم بحُدودِهِ" دليلٌ على أنَّ الخصوصَ لا يجوزُ ادِّعاؤُه عليه بوجهٍ من الوُجُوهِ (٦)، إلَّا بدليلٍ مُجتمَع عليه، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما بُعِثْتُ مُعلِّمًا مُيسِّرًا" (٧)، و"بُعِثْتُ رحمةً


(١) وذلك لقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠].
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٠٤ (٨٢٨) عن أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه. وهو عند البخاري (١٩٦٥)، ومسلم (١١٠٣) من حديث أبي سلمة عن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة. ومن وجوه أخرى عن أبي هريرة. وسيأتي مع تمام تخريجه ١٨/ ٢٩٥.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٢٢/ ٣١٢ (١٤٤١٩)، ومسلم (١٢٩٧)، وأبو داود (١٩٧٠)، والنسائي في المجتبى (٣٠٦٢)، وفي الكبرى ٤/ ١٦١ (٤٠٠٢) من حديث أبي الزُّبير عن جابر بن عبد الله، وقد سلف مرارًا.
(٤) أخرجه الشافعي في الأم ١/ ١٨٤، والبخاري (٦٣١) و (٦٥٠٨) و (٧٢٤٦) من حديث أبي قلابة عن مالك بن الحويرث.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٠٩ (٣٨٩) عن ابن شهاب عن رجل من آل خالد عن أَسِيد عنه، وسيأتي مع تمام تخريجه ١١/ ١٦١.
(٦) قوله: "بوجه من الوجوه" لم يرد في د ١.
(٧) أخرجه أحمد في المسند ٢٢/ ٣٩١ (١٤٥١٥)، ومسلم (١٤٧٨) من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه عندهما في آخره بلفظ: "إنّ الله لم يبعثني مُعنِّتًا، ولا مُتعنِّتًا، ولكن بعثني معلِّمًا ميسِّرًا"، ووقع في د ١: "مبشرًا"، وهو خطأ بيّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>