للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا القَصَبةُ فيُمْكِنُ بها الذَّبْحُ والنَّحْرُ، وفِلْقَةُ القَصَبَةِ تُسَمَّى اللِّيطَةَ (١). ورُوِي عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ آَنه قال: ما ذُبِحَ باللِّيطَةِ والشَّطِر والظُّرَرِ، فحِلّ ذَكِيٌّ (٢).

قال أبو عُمر: وفي هذا الحديثِ إباحَةُ تَذْكِيَةِ ما نزَلَ به المَوْتُ مِن الحَيوانِ المُبَاحِ أكْلُه، كانت البَهِيمَةُ في حالٍ تُرْجَى حَياتُها، أو لا تُرْجَى، إذا كانت حَيَّةً في وَقْتِ الذَّكاةِ؛ لأنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لم يَسْألْ مُذَكِّيَها عن حالِها، ولم يُنْكِرْ عليه، بل قال: "ليس بها بَأْسٌ فَكُلُوها". وقد قِيلَ له: أصابَها الموتُ. فعلى ظاهِرِ هذا الحديثِ، إذا سَلِمَ مَوْضِعُ الذَّكَاةِ مِن الآفَةِ، وكانت الحَياةُ مَوْجُودَةً في المُذَكَّى، جازَ تَذْكِيَتُه.

أخْبَرَنِي خَلَفُ بنُ القاسِم، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمدِ بنِ عبدِ المؤمنِ، قال: حدَّثنا المُفَضَّلُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ زيادٍ، قال: حدَّثنا أبو قُرَّةَ (٣)، قال: سألتُ مالِكًا عن المُتَرَدِّيَةِ والمَفْرُوسَةِ (٤) تُدْرَكُ ذَكاتُها وهي


(١) ينظر: إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للقاضي عياض ٦/ ٢١٢، ففيه ما ذُكر هنا وزاد: "فكل ما ذُبح به هذا فلا بأس به إذا قَطَع الأوْداجَ والحُلْقومَ" وقال: "وفي الحديث دليلٌ أنه إنما يُعدَل بغير الحديد في التَّذكية عند عَدَمه، ولا خلاف في هذا، والأمر بحَدِّ الشِّفار وإحسان القتلة يَعضُده، ولهذا ترجم مالكٌ على الذَّكاة بشِظاظ: ما يجوز في الذَّكاة على الضَّرورة".
(٢) وذكره القرطبي في تفسيره، وفي مصنف عبد الرزاق ٤/ ٤٩٧ (٨٦٢٨) عن ابن عيينة عن أبي حازم قال: سألت ابنَ المسيِّب عن بعيرٍ ذُبح بعُودٍ؟ فقال: "إن كان مارَ فيه مَوْرًا فكُلوا، وإن لم يكن مارَ فيه فلا تأكلوه". وفيه ٤/ ٤٩٨ (٨٦٢٩) عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد قال: سمعت ابنَ المسيِّب يقول: كلُّ شيءٍ يَضَعُ فاذبح فيه إذا اضطُررت إليه.
(٣) هو موسى بن طارق اليماني، أبو قُرَّة الزَّبيديُّ، من شيوخ الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية.
(٤) الدَّابة المَفْروسة: هي المكسورة الظَّهْر. ينظر: المحكم لابن سيده ٨/ ٤٨٣، واللسان مادة (فرس).

<<  <  ج: ص:  >  >>