للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتَحَرَّكُ؟ قال: لا بَأْسَ، إذا لم يكنْ قطَعَ رَأْسها، أو نَثَرَ بَطْنَها. قال: وسمعتُ مالِكًا يقولُ: إذا غُيِّرَ ما بينَ المَنْحَرِ إلى المَذْبَحِ، لم تُؤْكَلْ (١).

واخْتَلَفَ العلماءُ في قولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣]، فقال قومٌ: هذا الاستثناءُ راجعٌ على كُلِّ ما أُدْرِكَ ذَكاتُه مِمَّا يَنْخَنِقُ ويُوقَذُ ويَتَرَدَّى ويُنْطَحُ وأكِيلَةِ السَّبُع، فمتَى أُدْرِكَ شيءٌ مِن هذه المَذْكُوراتِ وفيه حَياةٌ، كانت الذَّكَاةُ عامِلَةً فيه؛ لأنَّ حَقَّ الاستثناءِ أنْ يكونَ مَصْرُوفًا إلى ما تَقدَّمَ مِن الكلامِ، ولا يُجْعَلُ مُنْقَطِعًا إلَّا بدليلٍ يجبُ التَّسْلِيمُ له. ومِمَّنْ رُوِي عنه هذا المعنَى عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وأبو هريرةَ، وابنُ عبَّاسٍ، وجماعَةٌ مِن التَّابعين ومِن فقهاء المسلمين (٢).

روَى ابنُ عُيَيْنَةَ (٣)، وشرِيكٌ، وجَرِيرٌ (٤)، عن الرُّكَينِ بنِ الرَّبيعِ، عن أبي


(١) ورد نحو هذا القول عنه ابن العربي في أحكام القرآن له ٢/ ٢٦ فقال: "واختلف قول مالكٍ في هذه الأشياء؛ فرُوي عنه: أنه لا يؤكل إلّا ما كان بذكاةٍ صحيحةٍ. والذي في الموطأ عنه: أنه إن كان ذَبَحها ونَفَسُها يجري وهي تَطْرِف فليأكُلْها. وهذا هو الصَّحيح من قوله الذي كتبه بيده، وقرأه على الناس من كلِّ بلدٍ عُمْرَه، فهو أوْلى من الرِّوايات الغابرة، لا سيَّما والذَّكاة عبادة كلَّفها اللهُ سبحانه عبادَه".
قلنا: وهذا الذي نقله ابن العربيِّ عن مالكٍ ذكره المصنف في الكافي ١/ ٤٢٩ وعزاه للموطأ برواية ابن وهب.
(٢) تنظر جملة الروايات عنهم وعن غيرهم في المصنف لعبد الرزاق (باب ذكاة البهيمة وهي تتحرَّك) ٤/ ٤٩٩ - ٥٠٠ (٨٦٣٩ - ٨٦٣٣)، ولابن أبي شيبة (في الذَّكاة إذا تحرَّك منها شيءٌ فكُلْ) (٢٠٢٠٢ - ٢٠٢١١)، وجامع البيان لابن جرير الطبري ٩/ ٥٠٢ - ٥٠٥، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٢٥، والمحلّى لابن حزم ٧/ ٤٥٨ - ٤٦١، والسنن الكبرى للبيهقي ٩/ ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٣) ذكره ابن حزم في المحلّى ٧/ ٤٥٨ من طريق ابن عُيينة، به.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في الصنف (٢٠١٨٤) عن جرير، به. وابن حزم في المحلّى ٧/ ٤٥٨ من طريق جرير، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>