للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوَى الشعبِيُّ، عنِ الحارِثِ، عن عليٍّ، قال: إذا أدْرَكْتَ ذَكاةَ الموقوذةِ والمترديةِ والنطيحةِ، وهي تُحَرِّكُ يَدًا أو رِجْلًا فكُلْها (١). وهو قولُ الشعبيِّ، وإبراهيمَ، وعطاءٍ، وطاوُسٍ (٢)، ولم يُصَرَحْ إسماعيلُ بِرَدِّ هذا، ونَكَبَ عنه.

قال أبو عُمر: قولُ عليٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبي هريرةَ، والتَّابعين الذين ذكَرْنا قولَهم، ومَن تابَعَهم مِن فقهاءِ الأمصارِ أوْلَى ما قِيلَ به في هذا البابِ، وهو ظاهِرُ الكتاب، وفي "المُسْتَخْرَجَةِ" لمالكٍ وابن القاسِمِ، أنَّ ما فيه الحياةُ، وإنْ كان لا يعيشُ، ولا يُرْجَى له بالعيشِ، يُذَكَّى ويُؤْكَلُ.

أَخْبَرَنا أحمدُ بنُ محمدٍ وعُبَيْدُ بنُ محمدٍ، قالا: حدَّثنا الحَسَنُ بنُ سَلَمَةَ، قال: حدَّثنا ابنُ الجَارُودِ (٣)، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ منصورٍ، قال (٤): سَمِعْتُ إسحاقَ بنَ راهُويَة قال: وأمَّا الشَّاةُ يَعْدُو عليها الذِّئْبُ، فيَبْقُرُ بَطْنَها، ويُخْرِجُ المَصارينَ، حتى يُعْلَمَ أنَّه لا يعيشُ مثلُها؛ فإنَّ السُّنّةَ في ذلك ما وصَفَ ابنُ عَبَّاسٍ (٥)؛ لأنَّه -وإن خرَجَتْ مَصَارينُها- فإنَّها حَيَّةٌ بعدُ، ومَوْضِعُ الذَّكَاةِ منها سالِمٌ، وإنَّما يُنْظَرُ عندَ الذَّبْح: أحَيَّةٌ هي أم مَيِّتَةٌ، ولا يُنْظَرُ إلىْ هل يعيشُ مثْلُها؟


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٩/ ٥٠٣، وسعيد بن منصور كما في المحلّى ٧/ ٤٥٩.
(٢) ينظر: مصنف عبد الرزاق ٤/ ٤٩٩ (٨٦٣٣) و ٤/ ٥٠٠ (٨٦٣٩)، ومصنف ابن أبي شيبة (٢٠٢٠٤) و ٢٠٢٠٥).
(٣) عبد الله بن عليّ بن الجارود، أبو محمّد النَّيسابوري الحافظ، صاحب كتاب المنتقى.
(٤) المعروف بالكوسج في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٩/ ٤٨٢٥، ٤٨٢٦ (٣٥٢٧) له.
(٥) يشير إلى ما رُوي عنه من طريق أبي طلحة -وهو الأسَديّ- قال: عَدا الذِّئبُ على شاةٍ فأفْرى بَطنَها -أي شقَّه- فسَقَط منه شيءٌ إلى الأرض، فسألتُ ابنَ عبّاس، فقال: انظُرْ إلى ما سَقَط من الأرض فلا تأكلْهُ. وأمَرَه أن يُذَكِّيَها فيأكُلَها. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٤/ ٤٩٤ عن سفيان بن عيينة عن رُكين بن الرَّبيع، به. وأخرجه ابن حزم في المحلّى ٧/ ٤٥٨ من طريق ابن عيينة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>