للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا، واللهُ أعلمُ، إذا كان ممَّن يُحاوِلُ تَزْيينَ الباطلِ وتَحْسِينَه بلَفْظِه، ويريدُ إقامتَه في صورر الحقِّ، فهذا هو المكروهُ الذي ورَد فيه التَّغْلِيظُ.

وأمَّا قولُ الحقِّ، فحسنٌ جميلٌ على كلِّ حالٍ، كان فيه إطنابٌ أو لم يكنْ، إذا لم يتجاوزِ الحقَّ، وإن كنتُ أُحِبُّ أوْسَاطَ الأُمورِ، فإن ذلك أعْدَلُها، والذي اتَّفَق العلماءُ باللغةِ في مَدْحِه من البلاغةِ؛ الإيجازُ والاخْتِصارُ، وإدْرَاكُ المعاني الجَسِيمَةِ بالألفاظِ اليَسِير.


= مسنده (٨٥٢)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (٥٨)، وابن حبّان في صحيحه ٢/ ٢٣٢ (٤٨٢) و ١٢/ ٣٦٨ (٥٥٥٧)، والطبراني في مسند الشاميّين ٤/ ٣٢٧ (٣٤٩٠) والبيهقي في الكبرى ١٠/ ١٩٣ (٢١٣٢٠) من طرق عن داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخُشَنيّ، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ أحبَّكُم إليَّ وأقربَكُم منِّي في الآخرة محاسِنُكم أخلاقًا، وإنّ أبغضَكم وأبعَدَكم منِّي في الآخرة مَساوئُكم أخلاقًا: الثَّرثارونَ، المُتَفَيهِقُون المُتَشدِّقونَ" ورجال إسناده ثقات إلّا أن مكحولًا -وهو الشاميّ- لم يسمع من أبي ثعلبة، وإنما يرسل عنه وعن بعض الصحابة كما في تحرير التقريب (٦٨٧٥).
ويُروى نحوه من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه الترمذي (٢٠١٨)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (٥٩)، وابن المقرئ في معجمه (٤١٩)، والخطيب البغدادي في تاريخه ٥/ ١٠١ من طرقٍ عن حبّان بن هلال، قال: حدَّثنا مُبارك بن فضالة، قال: حدَّثني عبد ربِّه بن سعيد، عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله، فذكره.
قال الترمذي: "وهذا حديث حسنٌ غريب من هذا الوجه، وروى بعضهم هذا الحديث عن المبارك بن فضالة عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكر فيه عبد ربّه بن سعيد، وهذا أصحُّ. والثّرثار: هو الكثير الكلام، والمتشدِّق: الذي يتطاول على الناس في الكلام ويَبْذُو عليهم". قال بشار: فالترمذي يشير إلى أن المنقطع أصح، ومن ثم فهو ضعيف، ولذلك اقتصر الترمذي على تحسينه، والمبارك بن فضالة معروف بالتدليس والتسوية، كما في التقريب (٦٤٦٣). وقال أبو الحسن الدارقطني: "اختلف فيه على محمد بن المنكدر، فرواه مبارك بن فضالة، عن عبد ربه بن سعيد، عن ابن المنكدر عن جابر، ورواه هشام بن عروة وهشام بن سعد، عن محمد بن المنكدر، مرسلًا، والمرسل أشبه بالصواب. واختلف عن مبارك أيضًا فقيل: عنه عن ابن المنكدر عن جابر، ليس بينهما أحد". (العلل (٣٢٠٢)).

<<  <  ج: ص:  >  >>