للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر إسماعيلُ القاضي كلامَ أبي عبيدةَ هذا إلى آخِرِه، ثم قال: ويُشبِهُ أن تكونَ اللغةُ تَحتمِلُ هذا كلَّه. يعْني ما ذكَره عن العلماءِ من قولِهم: الكَلالَةُ: مَنْ لا وَلَدَ له ولا والِدَ، إلى سائرِ ما ذُكِر مِّمَا سنَذْكُرُ أكثرَه في هذا البابِ إن شاء اللهُ.

ثم قال إسماعيلُ: فأُرِيدَ بالآيةِ التي في أوَّلِ سورةِ "النِّساءِ" (١): مَنْ لا أبَ له ولا جَدَّ، وأُرِيدَ بالآيةِ التي في آخر سورةِ "النِّساءِ" (٢): من لا وَلَدَ له. وإنَّما أوجَب قولُ من قال في الكَلالَةِ في أوَّلِ سورةِ "النِّساءِ" بأنَّه مَنْ لا وَلَدَ له ولا والِدَ؛ لأنَّ الجَدَّ في هذا الموضعِ يمنَعُ الإخوَةَ من الأمِّ، كما منَعهم الأبُ، ولم يُوجِبْ هذا أنَّ الجَدَّ يقومُ مَقامَ الأبِ مع الإخوةِ من الأبِ؛ لأنَّ البنتَ قد منَعَتِ الإخوةَ من الأُمِّ، كما منَعهم الأبُ، والجَدُّ لا يقومُ مَقامَ الأبِ مع الإخوةِ من الأبِ، وقد يقومُ الوارثُ مَقامَ الوارِثِ في مَنعِ بعضِ الوارِثين، ولا يقومُ مَقامَه في مَنعِ كلِّ ما يَمنَعُه الآخَرُ.

قال: وحدَّثنا أبو المصعبِ، قال: قال مالكٌ: كلُّ مَن ترَك وَلَدا ذكَرًا أو ابنَ ابنٍ ذَكَرٍ، فإنَّه لم يُورَثْ كَلالةً، وإن ترَكَ ابنةً أو ابنَتَيْن فإنَّ البِنتَيْنِ ليستَا بكَلالَةٍ، والذي وَرِث معهما كَلالَةٌ.

قال أبو عُمر: الكلالةُ في هذا الموضِعِ عندَ العلماءِ بلسانِ العربِ ومعاني كتابِ الله عزَّ وجلَّ هُم المتَكَلِّلُون مِن الورثةِ برَحِم من الميتِ، ممَّن لم يَلِدِ الميتَ،


= يعني: بالتشديد. وقال: وفي كلتا القراءتين المفعولان محذوفان (يعني مفعولي يُورِث ويورِّث) محذوفان؛ أي: يُورِثُ وارثَه مالَه، أو يورِّث وارثَه مالَه. وقال: و"كلالةً" على نصبها في جميع القراءات. (ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذّ القراءات ١/ ١٨٢ - ١٨٣، والمحرر الوجيز لابن عطية ٢/ ١٩، والبحر المحيط لأبي حيّان ففيهما المزيد من توجيه هذه القراءة وغيرها)، وسيأتي مزيد كلام على قراءة (يورث) في آخر شرح هذا الباب إن شاء الله تعالى.
(١) يعني قوله تعالى: { ... وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} الآية، الوارد في الآية (١٢) من السورة.
(٢) يعني قوله تعالى: { ... إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ... } الآية، الوارد في الآية (١٧٦) من السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>