للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: الأمرُ المجتَمَعُ عليه الذي لا خِلافَ فيه، والذي أدرَكتُ عليه أهلَ العلم ببلدِنا، أنَّ الكَلالَةَ على وجهَينِ؛ أمَّا الآيةُ التي في سورةِ "النساءِ" التي قال اللهُ عزَّ وجلَّ فيها: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢]. فهذه الكَلالَةُ التي لا يَرِثُ الإخوةُ للأُمِّ فيها حتى لا يكونَ وَلَدٌ ولا والِدٌ.

قال مالِكٌ: وأمَّا الآيةُ التي في آخِرِ سورةِ "النساء":

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: ١٧٦]. قال: فهذه الكَلَالةُ التي يكونُ فيها الإخوَةُ عصبةً إذا لم يكنْ وَلَدٌ، فيرِثُون مع الجَدِّ في الكَلَالَةِ. قال: والجَدُّ يَرِثُ مع الإخوةِ؛ لأَنَّه أوْلَى بالميرَاثِ منهم، وذلك أنَّه يَرِثُ مع ذُكُورِ بني المتوفَّى السُّدُسَ، ولا يَرثُ الإخوةُ معهم شيئًا. قال: وكيف لا يأخُذُ مع الإخوةِ وهو يَحجُبُ بَني الأُمِّ عن المِيراثِ، وبنو الأُمِّ يأخُذُون مع الإخوةِ الثُّلُثَ.

قال أبو عُمر: ذكَر اللهُ عزَّ وجلَّ في كِتابِه الكَلَالةَ في موضعَينِ، ولم يذكُرْ في كِلَا الموضِعَينِ وارِثًا غيرَ الإخوةِ؛ فأمَّا الآيةُ التي في صَدرِ سورة "النِّساءِ"، قوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢]. فقد أجمَعَ العلماءُ أنَّ الإخوةَ في هذه الآيةِ عنَى بهم الإخوةَ للأُمِّ، ولا خِلافَ بينَ أهلِ العلم أنَّ الإخوةَ للأبِ والأُمِّ، أو للأبِ، ليس ميراثُهم هكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>