للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تَعرِضْ له إلَّا مرَّةً واحدةً فيما تدلُّ عليه الآثارُ، واللهُ أعلمُ، إلَّا أنَّ بعضَها فيه: "مَرجِعَه من حُنَيْن"، وبعضَها فيه: "مَرجِعَه مِن خيبَر" كذا قال ابنُ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المُسيِّبِ في حَديثه هذا (١)، وهو أقوى ما يُروَى في ذلك، وهو الصحيحُ إن شاء اللهُ.

وقولُ (٢) زيدِ بنِ أسلمَ في حديثه هذا: "بطريقِ مكّة" ليس بمخالَفٍ؛ لأنَّ طريقَ خيبرَ وطريقَ مكةَ من المدينةِ يُشبِهُ أن يكونَ واحدًا، وربّما جعَلَتْه القوافلُ واحدًا. وحديثُ زيدِ بنِ أسلمَ هذا مرسلٌ، وليس مما يُعارِضُ حديثَ ابنِ شِهابٍ.

وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ: "مَن يُوقِظُنَا؟ ". فقلتُ: أنا أُوقِظُكم (٣). وليس في ذلك دليلٌ على أنها غيرُ قصةِ بلالٍ؛ لأنّه لم يقُلْ له: أيقظنا. ويحتَمِلُ ألّا يُجِيبَه إلى ذلك وَيأمُرَ بلالًا. وقال ابنُ مسعودٍ في هذا الحديثِ: زمَنَ الحُديبِيةِ (٤). وهو


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٥ (٢٥)، وهو الحديث الثامن من أحاديث ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى.
(٢) من هنا إلى قوله: "يعارض حديث ابن شهاب" سقط كله من د ١، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٣) حديث ابن مسعود بهذا اللفظ أخرجه الشاشي في مسنده (٢٩٠)، والطبراني في الكبير ١٠/ ١٦٨ (١٠٣٤٩)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٢٩٠) من طرقٍ عن عمرو بن حمّاد، عن أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله، قال: "كنّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر ... " وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن يُوقظُنا؟ فقلت: أنا أحرسُكم فأقوظكم" وليس فيه ذكر الحُديبية. وإسناده ضعيف، عمرو بن طَلحة بن حمّاد القَنّاد وسماك صدوقان حَسَنا الحديث، وأسباط بن نصر ضعيف. وذكر الحديبية في حديث ابن مسعود يروى عنه من وجه آخر أصحُّ إسنادًا وهو الحديث التالي تخريجه.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٧/ ٤٢٦ (٤٤٢١)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال ١٧/ ٢٩٢، وأبو داود (٤٤٧)، والنسائي في الكبرى ٨/ ٦٣١ (٨٨٠٢)، والبزار في مسنده ٥/ ٣٩٧ (٢٠٢٩) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن أبي علقمةَ، عنه، وإسناده ضعيف، عبد الرحمن بن علقمة أو ابن أبي علقمة مجهول الحال، كما بيناه في تحرير التقريب (٣٩٥٨). وسيأتي بإسناد المصنف في آخر شرح هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>