للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمنٌ واحدٌ، في عام واحدٍ؛ لأنَّه مُنصَرَفَه مِن الحُدَيبيَةِ مضَى إلى خَيبرَ مِن عامِه ذلك، ففتَحها اللهُ عليه، وفي الحُديبيَةِ نزَلَتْ: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً} [الفتح: ٢٠]؛ يعني: خَيبرَ، وكذلك قسَمها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على أهلِ الحُديبِيةِ. وروَى خالدُ بنُ سُميرٍ، عن عبدِ الله بن رباحٍ، عن أبي قَتادةَ في هذا الحديثِ، أنَّه كان في جيشِ الأُمراءِ (١). وهذا وَهمٌ عندَ الجميعِ؛ لأنَّ جيشَ الأُمراءِ كانَ في غَزاةِ مُؤتَةَ (٢)، وكانت سَرِيَّةً لم يَشهَدْها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، كان الأميرُ عليها زيدَ بنَ حارثةَ، ثم جعفرَ بنَ أبي طالبٍ، ثم عبدَ الله بنَ رواحةَ، وفيها قُتِلوا رَحِمهم اللهُ.

وقد رَوَى هذا الحديثَ ثابتٌ البُنانيُّ وسليمانُ التَّيميُّ، عن عبدِ الله بنِ رباحٍ (٣)، على غير ما رواه خالدُ بنُ سُمَيرٍ، وما قالوه فهو عندَ العلماءِ الصوابُ، دونَ ما قاله خالدُ بنُ سُميرٍ.

وقد قال عطاءُ بنُ يسارٍ: إنَّها كانت غزوةَ تَبُوكَ، وهذا لا يَصحُّ، والآثارُ الصحاحُ على خلاف قولِه مُسنَدَةٌ ثابتةٌ، وقولُه مرسلٌ. ذكَره عبدُ الرزاقِ (٤)، عن ابنِ جُريجٍ، قال: أخبَرني سعدُ بن إبراهيمَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، أنَّها غزوةُ تبُوكَ،


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣/ ٤٦ - ٤٧، وابن أبي شيبة في المصنف ١٤/ ٥١٢، والدارمي (٢٤٤٨)، وأبو داود (٤٣٨)، والنسائي في الكبرى ٧/ ٣٤٨ (٨١٩٢)، والطحاوي في شرح المشكل ١٣/ ١٦٦ (٥١٧٠)، وابن حبّان في صحيحه ١٥/ ٥٢٢ (٧٠٤٨)، وأبو نعيم في الحلية ٩/ ١٦، والبيهقي في الدلائل ٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨. وفي متنه نكارة، كما سيبين المؤلف.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في الفتح ١/ ٤٤٨ بعد أن ساق قول ابن عبد البر هذا: وهو كما قال، لكن يحتمل أن يكون المراد بغزوة جيش الأمراء غزوةً أخرى غير غزوة مؤتة.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٣٧/ ٢٣٥ (٢٢٥٤٦)، ومسلم (٦٨١)، وأبو داود (٤٤١) من طريق ثابت. وسيأتي بإسناد المصنف مع تمام تخريجه في موضعه.
(٤) في المصنف ١/ ٥٨٨ (٢٢٣٩) بلفظ: نام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يستيقظ إلّا لحدِّ الشمس فسار حتّى جازَ الوادي، وقال: لا نُصلِّي حيث أنسانا الشيطانُ، قال: فصلّى ركعتين، وأمر بلالًا فأذّن، وأقام فصلّى، وليس فيه ذكر "غزوة تبوك".

<<  <  ج: ص:  >  >>