كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه - ٤٣ - ج: 3 - ص: 618

ملعونٌ" (١). ورُوِي عنه أنَّه أمَر بالعَجينِ فطُرِح (٢). فهذا كلُّه بابٌ واحدٌ لا تُدرَى عِلَّتُه حقيقةً، فوجَب أنْ يكونَ خُصوصًا مردودًا إلى الأُصولِ المُجتمَع عليها، والدلائلِ الصحيحِ مجِيئُها. وبالله تعالى التوفيقُ.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: العلةُ في خروجِه مِن ذلك الوادي: أنَّه انتبه والشمسُ طالعةٌ، وذلك وقتٌ مِن سُنَّتِه ألا تجوزَ الصلاةُ فيه، لا نافلةٌ ولا فريضةٌ عندَهم؛ لنهي رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاةِ عندَ طلوعِ الشمسِ وعندَ غروبِها، وذلك عندَهم على الفرضِ والنفلِ، على حَسَبِ نهيه عن صيام يوم الفِطرِ والأضحَى،

---

(١) أخرجه بهذا اللفظ ابن الجعد في مسنده (٣١٤٢) مرسلًا عن أبي الأشهب -جعفر بن حيّان السَّعدي -عن أبي نضرة- المنذر بن مالك بن قُطَعة العَبْدي، قال: مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوادي ثمود، قال: "أسْرِعوا السَّيرَ، فإنّ هذا وادٍ ملعون".
ويروى مرفوعًا بإسناد ضعيف من حديث أبي ذرّ رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي الدُّنيا في العقوبات (١٤٥)، والبزار في مسنده ٩/ ٣٨٥/ (٣٩٧١)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٩/ ٣٦٦ (٣٧٤٦) و (٣٦٤٧) من طريق حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد، قال: قال لي الحسن البصري سَلْ عبدَ الله بنَ قدامة بن صخر عن هذا الحديث، فلقيتُه على باب دار الإمارة فسألتُه، فقال: زعم أبو ذر أنهم كانوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوكَ، فأتَوْا على وادٍ، فقال لهم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنكم بوادٍ ملعون" الحديث. وفي إسناده: علي بن زيد: وهو ابن جُدعان التيمي ضعيف. وعبدُ الله بن قدامة بن صخر مجهول لم نقف له على ترجمة إلّا ما ذكره الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ٥/ ٣٦٠ (٦٢٠) وساق له هذا الحديث وقال: ولم أجد لعبد الله بن قدامة هذا ذكرًا إلّا في هذا الحديث.
(٢) ورد معناه في الحديث السالف قبله، ووقع عند البغوي في معجم الصحابة ٣/ ٢٤٧ (١١٨٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٩/ ٣٦٩ (٣٧٥٢)، والطبراني في الكبير ٧/ ١١٦ (٦٥٥٠)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٦٦ و ٤/ ١٢٤، ١٢٥ من طرق عن حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سَبْرةَ، قال: حدثني أبي عن أبيه عن جدِّه ان النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه بالحجر: "مَنْ عمل من هذا الماء شيئًا أو طعامًا فليُلْقِه" قال: ومنهم مَن عَجَن العجينَ، أو منهم مَنْ حاسَ الحَيْسَ فألقوه. وإسناده حسن، حرملة بن عبد العزيز بن الربيع وأبوه صدوقان، والربيع بن سبرة ثقة، وأبوه سبرة صحابي.