للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم صلَّى بهم الصبحَ (١). ولم يُذكَرْ في بعضِها: أنَّه صلَّى ركعتي الفجرِ. وهذا موضعٌ قد تنازَع فيه العلماءُ، ومَن ذكَر شيئًا وحَفِظه فهو حُجَّةٌ على مَن لم يَذكُرْ.

فأمَّا اختلافُهم في الأذانِ والإقامةِ للصلواتِ الفوائتِ؛ فإنَّ مالكًا، والأوزاعيَّ، والشافعيَّ، وأصحابَهم، قالوا فيمن فاتَتْه صلاةٌ أو صَلَواتٌ حتى خرَج وقتُها: إنَّه يُقِيمُ لكلِّ واحدةٍ إقامةً، ولا يُؤذِّنُ. وقال الثوريُّ: ليس عليه في الفوائتِ أذانٌ ولا إقامةٌ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: مَن فاتَته صلاةٌ واحدةٌ، صلَّاها بأذانٍ وإقامةٍ، فإن لم يَفعَلْ، فصلاتُه تامَّةٌ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: إذا فاتَته صلواتٌ، فإنْ صلَّاهُنَّ بإقامةٍ إقامةٍ، كما فعَل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يومَ الخندقِ، فحسنٌ، وإنْ أذَّن وأقام لكلِّ صلاةٍ، فحسن. ولم يذكُرْ خلافًا. وقال أحمدُ بنُ حنبلٍ، وأبو ثورٍ، وداودُ بنُ عليٍّ: يُؤذِّنُ ويُقيمُ لكلِّ صلاةٍ فائتةٍ، على ما رُويَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذ نام عن الصلاةِ (٢) (٣).

قال أبو عُمر: حُجَّةُ مَن قال: إنَّه يُقيمُ لكلِّ صلاةٍ فائتةٍ ولا يُؤَذِّنُ لها: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- حُبِس يومَ الخندقِ عن صلاةِ الظّهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاء إلى هَوِيٍّ مِن الليلِ (٤)، ثم أقامَ لكلِّ صلاةٍ ولم يُؤذِّنْ. روَى هذا الخبرَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أبو سعيدٍ الخُدرِيُّ وابنُ مسعودٍ:

فأمَّا حديثُ أبي سعيدٍ، فحدَّثناه أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمدِ بنِ عليٍّ، قال: حدَّثنا اليمونُ بنُ حمزةَ الحُسينِيُّ، قال: حدَّثنا أبو جعفرٍ الطَّحاويُّ، قال: حدَّثنا


(١) قوله: "وأمرهم أن يصلوها ثم صلى بهم الصبح" لم يرد في د ١، ج، وهو ثابت في ق، وهو الأولى.
(٢) قوله: "إذ نام عن الصلاة" لم يرد في ق.
(٣) ينظر في ذلك كلِّه: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩١ - ١٩٢، والمغني لابن قدامة ١/ ٣٠٤.
(٤) أي: ساعةٌ ممتدَّةٌ منه، ويقال: الهَوِيُّ: الحِيْن الطويلُ، أو هَزيعٌ منه، أو من الزَّمان، أو مختصٌّ بالليل. (تاج العروس مادة هوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>