للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقالُ للنفسِ: نَسَمَةٌ أيضًا، يقالُ: عليَّ عِتقُ نسَمةٍ؛ أيْ: نَفْسٍ.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما نَسَمَةُ المؤمنِ طائرٌ"؛ يعني: روحَه. وسنذكرُ هذا الخبرَ في حديثِ ابنِ شهابٍ (١) إن شاء اللهُ تعالى.

وفي هذا الخبرِ: "فإذا رَقَد أحدُكم عن الصلاةِ أو نَسِيها، فلْيُصلِّها كما كان يُصلِّيها في وَقْتِها"، وهذا إنَّما فيه إيجابُ إقامةِ الصلاةِ، وأنَّها غيرُ ساقطةٍ عمَّن نامَ أو نَسِيَ، ولم يَخُصَّ وقتًا من وقتٍ، فالبِدارُ إليها أوْلى، إلَّا أنَّ في حديثِ أنسٍ (٢) وحديثِ ابن المسيِّبِ (٣) وغيرِه، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن نام عن الصلاةِ أو نَسِيها، فليُصلِّها إذا ذكَرها، فإنَّ اللهَ يقولُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤]، وفي هذا وُجوبُ صلاتِها عندَ الذِّكرِ لها والانتِباهِ إليها، أيَّ وقتٍ كان، وهو موضعُ اختلافٍ، وقد ذكَرناه واستوعَبنا القولَ فيه وفي معنَى ذكرِ صلاةٍ في صلاةٍ، أو في آخرِ وقتِ صلاةٍ، في بابِ ابنِ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المُسيِّبِ، مِن كتابِنا هذا؛ لأنَّ ذلك الموضعَ أوْلى بذِكْرِ ذلك، لقولِه فيه: "فليُصلِّها إذا ذكَرها". وإنَّما في حديثِ زيدٍ هذا: "فليُصلِّها كما كان يُصلِّيها"، وبالله التوفيق.

وفي أخبارِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكرٍ بما عَرَض لبلالٍ في نومِه ذلك، عَلَمٌ مِن أعلام نُبُوَّتِه -صلى الله عليه وسلم-.

وفيه ما كان عليه أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه مِن صريح الإيمانِ، والبِدارِ إلى


(١) وهو الحديث الأول من أحاديث ابن شهاب عن كعب بن مالك، وسيأتي في موضعه.
(٢) حديث أنس أخرجه أحمد في المسند ٢١/ ٣٣٨ (١٣٨٤٨)، والبخاري (٥٩٧)، ومسلم (٦٨٤) من رواية قتادة عنه. وقد سلف تمام تخريجه في الحديث الخاص من رواية مالك عن زيد بن أسلم.
(٣) حديث سعيد بن المسيب أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٥ (٢٦) عن ابن شهاب، عنه. وهو الحديث الثامن من أحاديث ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وسيأتي مع مزيد كلام عليه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>