للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهَلَّا حَبَسْتُموه ثلاثًا، وأطْعَمْتُموه كلَّ يوم رَغِيفًا واسْتَتَبْتُموه، لعَلَّه يتوبُ ويُراجِعُ أمْرَ الله؟ اللَّهُمَّ إنِّي لَمْ أحْضُرْ، ولم آمُرْ، ولم أرْضَ إذْ بَلَغَني.

أخْبَرنا خَلَفُ بنُ القاسِمِ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي العَقَبِ (١)، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَةَ (٢)، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ خالدٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن عبدِ الرَّحمن بنِ محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ عبدِ القاريِّ، عن أبيه، قال: قَدِم وفدُ أهلِ البصرةِ على عمرَ، فأخْبَرُوه بفتحِ تُستَرَ (٣)، فحَمِد اللّهَ، ثم قال: هل حدَثَ فيكم حَدَثٌ؟ فقالُوا: لا واللّه يا أميرَ المؤمنينَ، إلَّا رجلٌ ارْتَدَّ عن دِينِه فقَتَلْناه. فقال: ويلكم، أعَجَزْتُم أن تُطيِّنوا (٤) عليه بيتًا ثلاثًا، ثم تُلْقُوا إليه كلَّ يوم رَغِيفًا، فإن تاب قَبِلْتُم منه، وإن أقام كنتم قد أعْذَرْتُم إليه؟ اللَّهُمَّ إنِّي لَمْ أشْهَدْ، ولم آمُرْ، ولم أرْضَ إذ بَلَغَنِي (٥).

وروَى داودُ بنُ أبي هِنْدٍ، عن الشعبيِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ: أنَّ نَفَرًا مِن بكرِ بنِ وائِلٍ ارْتَدُّوا عن الإسلام يومَ تُستَرَ ولَحِقوا بالمشركين، فلمَّا فُتِحَت قُتِلوا في القِتالِ. قال: فأتَيْتُ عمرَ بفَتْحِها، فقال: ما فعَلَ النَّفَرُ مِن بكرِ بنِ وائِلٍ؟ فعَرَضْتُ في حديث لأشْغَلَه عن ذِكْرِهم، فقال: ما فعَل النَّفَرُ مِن بكرِ بنِ وائِلٍ؟ قلتُ: قُتِلوا. قال: لأنْ أكونَ كنتُ أخَذْتُهم سِلْمًا أحَبُّ إليَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشمسُ مِن صَفْراءَ وبيضاءَ. قلتُ: وهل كان سَبِيلُهم إلَّا القتلَ؛ ارتَدُّوا عن الإسلام


(١) أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، محدَّث مكثر، مشهور دمشقي.
(٢) عبد الرَّحمن بن عمرو النصري، أبو زرعة الدمشقيّ. وشيخه هو أحمد بن خالد الوَهْبيّ.
(٣) مدينة مشهورة بخوزستان استشهد فيها البراء بن عازب (معجم البلدان ٢/ ٢٩).
(٤) في ق، م: "تطبقوا".
(٥) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٥٨٥) عن عبد العزيز بن محمد عن عبد الرَّحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاريِّ عن أبيه، بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>