للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَحِقوا بالمشركين؟ قال: كنتُ أعْرِضُ عليهم أن يَدْخُلوا في البابِ الذي خَرَجوا منه؛ فإن فعَلوا قَبِلْتُ منهم، وإلَّا اسْتَوْدَعْتهم السِّجْنَ (١).

ورَوى أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي عمرٍو الشيبانيِّ: أنَّ عليًّا أُتيَ بالمسْتَوْرِدِ العِجْليِّ وقد ارْتَدَّ عن الإسْلام، فاسْتَتابَه، فأَبَى أن يتوبَ، فقَتَله (٢).

وروَى عُبَادَةُ (٣)، عن العَلاءِ أبي محمدٍ (٤): أنَّ عليًّا أخَذَ رجلًا مِن بكرِ بنِ وائِلٍ تَنَصَّرَ بعدَ الإسلام، فعَرَض عليه الإسلامَ شهرًا، فأبَى، فأمَرَ بقتلِه.

ولا أعلَمُ بينَ الصحابَةِ خِلافًا في اسْتِتابَةِ المرْتَدِّ، فدَلَّ ذلك على أنَّ معنى الحديثِ، واللّهُ أعلمُ: مَن بَدَّلَ دِينَه وأقام على تَبْدِيلِه فاقْتُلوه.

وأمَّا أقاوِيلُ الفقهاءِ؛ فرَوَى ابنُ القاسِمِ، عن مالِكٍ، قال: يُعْرَضُ على المرْتَدِّ الإسلامُ ثلاثًا، فإن أسْلَم، وإلَّا قُتِل. قال: وإنِ ارْتَدَّ سِرًّا قُتِل ولم يُسْتَتَبْ، كما تُقْتَلُ الزَّنادِقَةُ. قال: وإنَّما يُسْتَتابُ مَن أظْهَر دِينَه الذي ارْتَدَّ إليه. قال مالكٌ: ويُقْتَلُ الزنادِقَةُ ولا يُسْتتابُون؟ والقَدَرِيَّةُ يُسْتَتابُون. قال: فقيل لمالِكٍ: كيف يُسْتَتابُون؟ قال: يقالُ لهم: اتْرُكُوا ما أنتم عليه، فإن فعَلوا، وإلَّا قُتِلوا (٥).


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَف ١٠/ ١٦٥ (١٨٦٩٦)، وسعيد بن منصور في سننه (٢٥٨٧)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٣٤٠٦)، وابن المنذر في الأوسط ١٣/ ٤٦٤ (٩٦٤٣)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢٠٧ (١٧٣٤٢) من طرق عن داود بن أبي هند، به.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٣١١)، وابن أبي شيبةَ في المصنَّف (٣٢٠٣٤)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٢٥٤ (١٢٨٤١) من طرق عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، به.
(٣) هو عبادة بن مسلم الفزاري، أبو يحيى البصري، وقد وقع في ق، د ١: "قتادة"، وهو تحريف.
(٤) هو العلاء بن عبد الله بن بدر العَنَزي، أبو محمد البصري، وروايته عن عليّ مرسلة كما في "تهذيب الكمال" ٢٢/ ٥١٥.
(٥) نقل هذه الأقوال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>