للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال (١) ابنُ وَهْبٍ، عن مالكٍ: ليس في اسْتِتابَةِ المرتدِّ أمْرٌ مِن جماعَةِ الناسِ (٢).

أخبرنا أحمدُ بنُ محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا الحسنُ بنُ سلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ الجارُودِ، قال: حَدَّثَنَا إسحاقُ بنُ منصورٍ، قال (٣): سمِعتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ يقولُ: المرْتَدُّ يُسْتَتابُ ثلاثًا، والمرْتَدَّةُ تُسْتَتابُ ثلاثًا، والزَّنْدِيقُ لا يُسْتَتابُ. قال إسحاقُ: وقال لي إسْحاقُ بنُ رَاهُويِةَ كما قال أحمدُ سَواءً.

قال أبو عُمر: هذا مَذْهَبُ مالكٍ سواءً. وقال الشافعيُّ (٤): يُسْتَتابُ المرْتَدُّ ظاهِرًا والزِّنْدِيقُ جميعًا، فمَن لَمْ يَتُبْ منهما قُتِلَ. وفي الاسْتِتابَةِ ثلاثًا قولان؛ أحدُهما: حديثُ عمرَ. والآخَرُ، أنَّه لا يُؤَخَّرُ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَأْمُرْ فيه بأَنَاةٍ، وهذا ظاهِرُ الخبرِ. قال الشافعيُّ: ولو شَهِد عليه شاهِدانِ بالرِّدَّةِ فأنكَرَ، قُتِلَ، فإن أقرَّ أن لا إلهَ إلَّا اللّهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وتَبَرَّأ مِن كُلِّ دِينٍ خالَفَ الإسلامَ، لَمْ يُكْشَفْ عن غيرِه.

والمشهورُ مِن قولِ أبي حنيفةَ وأصحابِه: أنَّ المرْتَدَّ لا يُقْتَلُ حتّى يُسْتَتابَ. وهو قولُ ابنِ عُلَيَّةَ؛ قالوا: ومَن قتَلَه قبلَ أن يُسْتَتابَ فقد أساء، ولا ضَمانَ عليه.


(١) هذه الفقرة من د ١ فقط.
(٢) ينظر: كتاب المحاربة من موطّأ ابن وهب، ص ٢٤ حيث جاء فيه نقلًا عن مالك: "فأما من أظهر الكفر، وأعلن به بعد الإسلام، فإنه لو اجتمعت على ذلك جماعة من الناس كان ينبغي أن يقاتلوا وأن يدعوا ويستتابوا قبل أن يقاتلوا، الواحد منهم مثل الجماعة، يستتاب قبل أن يقتل". ولفظة "المرتد" لَمْ ترد في النسخة، ونراها ضرورية لفهم النص.
(٣) في مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية له ٧/ ٣٧٢٣ (٢٧٢٣). وينظر: أحكام أهل الملل والرِّدة من الجامع لمسائل الإمام أحمد بن حنبل لأبي بكر الخلّال، ص ٤١٧ (١٢٠١) وص ٤١٩ (١٢٠٩).
(٤) نقله عنه بهذا السِّياق الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٥٠٢، وينظر: الأمّ للشافعيّ ١/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>