للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حَدَّثَنَا يحيى بنُ زكريا بنِ أبي زائِدَةَ، عن مُجَالِدِ بنِ سعيدٍ، عن عامِرٍ الشعبيِّ، قال: ارْتَدَّتْ بنو عامرٍ وقَتَلوا مَن كان فيهم مِن عُمَّالِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وحَرَّقوهم بالنَّارِ، فكَتَب أبو بكرٍ إلى خالِدٍ رضِي اللّهُ عنهما أن يَقْتُلَ بني عامِرٍ ويُحَرِّقَهم بالنارِ (١).

ولما ارْتَدَّ الفُجاءةُ -واسْمُه إياسُ بنُ عبدِ الله بنِ عبدِ يالَيْل- بعَثَ إليه أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ الزُّبَيْرَ بنَ العَوَّام في ثلائينَ فارِسًا، وبَيَّتَه ليلًا، فأخَذَه فقَدِم به على أبي بكرٍ، فقال أبو بكرٍ: أخْرِجُوه إلى البَقِيعِ -يَعْني إلى المُصَلَّى- فأحْرِقُوه بالنارِ. فأخْرَجوه إلى المصَلَّى فأحْرَقُوه (٢).

وزعَمَ بعضُ أهل السِّيَرِ أَنَّهُ رُفِعَ عليه أنَّه كانَ يُنْكَحُ كما تُنْكَحُ المرأةُ، ذكَرَ ذلك كلَّه يَعْقُوبُ بنُ محمدٍ الزُّهْرِيّ في كتابِ "الرِّدَّةِ".

قال: وحدَّثني عبدُ العزيزِ بنُ أبي حازِم، عن داودَ بنِ بَكْرٍ، عن محمدِ بنِ المنكدِرِ: أنَّ خالِدًا كتَبَ إلى أبي بكرٍ يَذْكُرُ أنَّه وجَدَ في بعضِ نَواحِي العَرَبِ رجلًا يُنْكَحُ كما تُنْكَحُ المرأةُ، فاسْتَشار فيه أبو بكر، فكان عليَّ مِن أشَدِّهم فيه قولًا، فقال: إنَّ هذا ذَنْبٌ لَمْ تَعْصِ به أُمَّةٌ مِن الأُمَم إلَّا أُمَّةٌ واحدةٌ، صنَع اللّهُ بها ما قد عَلِمْتُم، أرَى أن تُحَرِّقُوه بالنارِ. فأجْمَع رَأْيُهم على ذلك، فكتَبَ أبو بكرٍ إلى خالِدٍ فحَرَّقَه (٣).

قال: وحدَّثني مَعْنُ بنُ عيسي، عن معاويةَ بنِ صالِحٍ، عن عِيَاضٍ بنِ عبدِ الله، قال: لما اسْتَشارَهم أبو بكرٍ قالوا: نَرَى أنْ تَرْجُمَه. فقال عليٌّ: أرَى أن تُحَرِّقُوه، فإنَّ العَرَبَ تَأْنَفُ مِن المُثلةِ، ولا تَأْنَفُ مِن الحدودِ. فحَرَّقُوه.


(١) أخرجه أبو يعلى في مسنده ١٣/ ١٤٦ (٧١٩٠) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، به.
(٢) ذكره ابن الأثير في أسد الغابة ٢/ ٤٥٧ وعزاه لسيف بن عمر. وينظر: المحلّى لابن حزم ١٢/ ٣٨٩.
(٣) أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (٤٢٨)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢٣٢ (١٧٤٨٤)، وفي شعب الإيمان (٥٣٨٩) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>