للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فهذانِ الحديثان يدُلَّانِ على أنَّ عمرَ رضِي اللّهُ عنه كان يرَى الضربَ في التعزيرِ أشدَّ منه في الزِّنَى. قالوا: وكذلكَ لا محالةَ سائرُ الحدودِ.

قال أبو عُمر: مَن قال: إنَّ الحدودَ كلَّها سواءٌ إلَّا في العَدَدِ، جعل قولَه: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ} [النور: ٢]. في إسقاطِ الحدِّ، لا في حِفةِ الضربِ، وضربُ الزِّنَى أخفُّ عندَهم؛ فإنَّهم يقولون: ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، لا يشُقُّ جلدًا، ولا يَضَعُ (١) سَوطًا فوقَ سَوطٍ.

واحتجَّ مَن قال: ضربُ القذفِ أشدُّ الضربِ، بما أخبَرني به أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمنِ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ يحيى بنِ عمرَ، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بنُ حربٍ، قال: حَدَّثَنَا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، عن أبيه، قال: لما جُلِد أبو بكرةَ، أمَرَتْ جدَّتي أُمُّ كلثوم بنتُ عقبةَ بشاةٍ، فسُلِخَتْ، ثم أُلبِسَ مَسْكَها (٢). قال: فهل ذلك إلَّا من ضربٍ شديدٍ (٣)؟

هكذا قال: جدَّتي، وإنما هي أُمُّ إبراهيمَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، جدَّةُ سعدِ بنِ إبراهِيمَ.

حَدَّثَنَا خلفُ بنُ قاسمٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ القاسم بنِ شعبانَ، قال: حَدَّثَنَا الحسينُ بنُ محمدِ بنِ الضحاكِ، قال: حَدَّثَنَا أبو مروانَ محمدُ بنُ عثمانَ العثمانيُّ، قال: حَدَّثَنَا إبراهيمُ بنُ سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبيه، عن جدِّه، قال: لما جُلِد أبو بكرةَ


(١) لفظة "يضع" لَمْ ترد في م.
(٢) أي: جِلْدها. الصحاح (مسك).
(٣) أخرجه عمر بن شبة في أخبار البصرة كما في وفيات الأعيان لابن خلكان ٦/ ٣٦٦، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٢/ ٢١٦ من طريق أبي جعفر محمد بن يحيى بن عمر، به.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٧/ ٣٦٨ (١٣٥١٠)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٣٢٦ (١٨٠٣٤)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٢/ ٢١٦ من طرق عن سفيان بن عيينة، به، ولكن وقع عند ابن عساكر "أنّ أمَّه أمَّ كلثوم بنت عقبة أمرت بشاة" بدل قوله: "أمرت جدَّيّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>