للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَرَتْ أُمُّه بشاةٍ فذبَحَتْها، ثم جعَلَتْ جِلدَها على ظهرِه، وما ذاك إلَّا من ضربٍ شديدٍ. وكان أبي يرَى أنَّ ضربَ القَذْفِ شديدٌ.

وعن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، أنَّه قال لقَنْبَرٍ في العبدِ الذي أقرَّ عندَه بالزِّنَى: اضْرِبْه كذا وكذا، ولا تَنهَك" (١).

قال أبو عُمر: فيما رُوِىَ عن عمرَ وعليٍّ رضِي اللّهُ عنهما في هذا البابِ من صِفةِ ضربِ الزاني، دليلٌ على أنَّ قولَه عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} الآية [النور: ٢]، إنَّما أُريد به الَّا تُعَطَّلَ الحُدُودُ، وألَّا يأخُذَ الحُكّامَ رأفةٌ على الزُّناةِ فيُعَطِّلُوا حدودَ الله ولا يحُدُّوهم. وهذا قولُ جماعةِ أهلِ التفسيرِ. وممَّن قال ذلك؛ الحسنُ، ومجاهدٌ، وعطاءٌ، وعكرمةُ، وزيدُ بنُ أسلمَ (٢).

وقال الشعبيُّ، والنخعيُّ، وسعيدُ بنُ جبيرٍ: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ}. قالوا: في الضربِ والجلدِ (٣).

ذكرَ إسماعيلُ القاضي، قال (٤): حَدَّثَنَا محمدُ بنُ أبي بكرٍ قال: حَدَّثَنَا موسى بنُ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف (٢٨٥٩٣)، وابن المنذر في الأوسط ١٣/ ٣٥٧ (٩٥٦٤) من طريق أبي خالد الأحمر، عن أشعث بن سوّار، عن فُضيل بن عمرو بن عبد الله بن مغفَّل، بنحوه، وفيه قول عليِّ لقُنبر في آخره: خُذِ السَّوطَ فاجْلدُه ثلاثة أسواطٍ، ثم قال: يا قُنبر إذا جلدتَ فلا تَعْدُ الحدودَ.
(٢) وذلك فيما رواه عنهم عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٤٢٤، ويحيى بن سلام في تفسيره ١/ ٤٢٣، ٤٢٤، وابن جرير الطبري في تفسيره ١٩/ ٩١ - ٩٣.
(٣) أخرجه عنهم ابن أبي شيبة في المصنّف (٢٩٣٢٨) و (٢٩٣٢٩) عن إبراهيم النخعي والشَّعبي، وأخرجه عن الثلاثة المذكورين وعن غيرهم ابن جرير الطبري في تفسيره ١٩/ ٩١ - ٩٣، وابن أبي حاتم في تفسيره ١٨/ ٢٥٨ (١٤٠٩٨) و ٩/ ٢٥١٨ (١٤١٠٠) و (١٤١٠٣) عن سعيد بن جبير والشعبي.
(٤) في أحكام القرآن له (٢٣٣)، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٩/ ٩١ من طريق يحيى بن أبي زائدة عن نافع بن عمر، به. وهو عند عبد الرزاق في المصنّف ٧/ ٣٧٦ (١٣٥٣٧)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢٤٥ (١٧٥٦٧) مني طريق ابن جُرَيج، عن ابن أبي مليكة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>