للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: صلاةٌ في المسجدِ الحرام، خير من مئة ألفِ صلاةٍ فيما سِوَاه -يعني منَ المساجدِ- إلّا مسجدَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (١).

فهذا عمرُ بنُ الخطَّاب، وعبدُ الله بنُ الزُّبيرِ ولا مخُالِفَ لهما من الصحابَة، يقُولان بفَضْلِ الصلاةِ في المسجِدِ الحرامِ على مسجدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. وتأوَّلَ بعضُهم هذا الحديثَ عن عُمرَ أيضًا على أنّ الصلاةَ في مسجدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- خيرٌ من تسع مئة صلاةٍ في المسجدِ الحرام. وهذا كلُّه تأويلٌ لا يعضُدُه أصلٌ، ولا يقومُ عليه دليل.

وقد زعَم بعضُ المتأخِّرين من أصحابِنا أنّ الصلاةَ في مسجدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أفضَلُ من الصلاةِ في المسجدِ الحرام بمئة صلاة، وفي غيره بألفِ صَلاة. واحتجَّ لذلك بما رواه سفيانُ بنُ عيينة، عن زيادِ بنِ سعد، عن ابنِ عَتِيقٍ، قال: سمِعْتُ [عبدَ الله بنَ الزُّبير يقول: سَمِعتُ] (٢) عمرَ يقول: صلاةٌ في المسجدِ الحرام خيرٌ من مئة صلاةٍ فيما سواه.

وحديثُ سليمانَ بنِ عتيقٍ هذا لا حُجًّةَ فيه؛ لأنّه مختلفٌ في إسنادهِ وفي لفظه، وقد خالفَه فيه من هو أثبتُ منه.

فمن الاختلافِ عليه في ذلك ما حدَّثنا أحمدُ بنُ قاسم، قال: حدَّثنا ابنُ أبي دُليْم وقاسِمُ بنُ أصبَغَ، قالا: حدَّثنا محمدُ بنُ وضَّاح، قال: حدَّثنا حامِدُ بنُ يحيى، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينة، عن زيادِ بنِ سَعْدٍ الخُراسانيِّ أبي عبدِ الرحمن،


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٢/ ٦١ من طريق سفيان بن عيينة، به، وإسناده حسن، سليمان بن عتيق المدني صدوق كما في التقريب.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من النسخ جميعها، وأثبتناه من شرح مشكل الآثار، وفيه: "أفضل من مئة ألف".

<<  <  ج: ص:  >  >>