للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه مِن الفِقهِ: أنَّ دُعاءَ يوم عرفةَ أفضلُ مِن غيره، وفي ذلك دليلٌ على فَضْلِ يوم عرفةَ على غيرِه، وفي فَضلِ يوم عرفةَ دليلٌ أنَّ للأيَّام بَعضِها فضْلًا على بعض، إلَّا أنَّ ذلك لا يُدْرَكُ إلَّا بالتَّوقِيفِ، والذي أدْرَكنا مِن ذلك بالتَّوقِيفِ الصَّحيح فضلُ يوم الجُمُعَةِ (١)، ويوم عاشُورَاء (٢)، ويوم عرفةَ، وجاء في يوم الاثنَيْن ويوم الخميسِ ما جاء (٣)، وليس شيءٌ من هذا يُدرَكُ بقِيَاس، ولا فيه للنَّظَرِ مَدْخَلٌ.

وفي الحديثِ أيضًا دليلٌ على أنَّ دُعاءَ يوم عرفةَ مُجَابٌ كلُّه في الأغْلَب، وفيه أيضًا أنَّ أفضلَ الذِّكر: لا إلهَ إلَّا الله.

وقد اختَلفَ العُلماءُ في أفضَلِ الذِّكر؛ فقال منهم قومٌ: أفضَلُ الكلام لا إلهَ إلَّا الله. واحتَجُّوا بهذا الحديث، وأنَّها كلمةُ الإسلام وكلمةُ التقوَى.

وقال آخرون: أفضَلُ الذِّكْرِ: الحمدُ لله رَبِّ العالمِين. ففيه معنَى الشُّكْرِ والثَّناء، وفيه مِن الإخلاصِ ما في "لا إلهَ إلَّا الله"، وإنَّه افتَتَح الله به كَلامَه وختَم به، وهو آخِرُ دَعْوى أهلِ الجنَّة.


(١) وفي فضل يوم الجمعة أحاديث عديدة، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "خيرُ يومٍ طَلعتْ عليه الشمسُ يومُ الجمعة، فيه خُلق آدمُ، وفيه أُهبِطَ من الجنّةِ" أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٦٥ (٨٩٦) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه مسلم (٨٥٤) من حديث عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، وسيأتي تمام تخريجه ومزيد كلام عليه في أوّل أحاديث مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٢) سيأتي الحديث عليه في سياق شرح المصنِّف لرابع أحاديث ابن شهاب عن حميد فيما أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٠٢ (٨٢٣) من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في هذا المعنى.
(٣) أخرجه مسلم (٢٥٦٥) (٣٦) من طريق مالك بن أنس عن مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح السَّمّان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تُعرض أعمالُ الناسِ في كلِّ جمعةٍ مرَّتينِ يومَ الاثنين ويومَ الخميس، فيُغفر لكلِّ عبدٍ مؤمن، إلّا عبدًا بينه وبين أخيه شَحناءُ، فيُقال: اتْرُكُوا، أو ارْكُوا هذينِ حتى يضيئا"، وهو عند مالك في الموطّأ ٢/ ٤٩٦ (٢٦٤٣) بالإسناد نفسه إلى أبي هريرة موقوفًا، وسيأتي مزيدُ كلامٍ عليه في موضعه إن شاء الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>