للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا الحديثِ من الفقه: أنّه لا يحلُّ التَّباغُضُ؛ لأنَّ التَّباغُضَ مَفسدةٌ للدِّينِ، حالقِةٌ له، ولهذا ما أمَر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالتَّوادِّ والتَّحابِّ، حتى قال: "تَهادَوا تَحابُّوا" (١).

وروى مالكٌ (٢)، عن يحيى بنِ سعيدٍ، قال: سمِعتُ سعيدَ بنَ المسيِّبِ يقولُ: ألا أُخْبِرُكم بخيرٍ من كثيرٍ من الصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى، قال: صلاحُ ذاتِ البَيْنِ، وإياكم والبِغْضةَ، فإنَّها هي (٣) الحالِقَةُ.

وكذلك لا يحلُّ التَّدابرُ، والتَّدابرُ: الإعْراضُ وتركُ الكلام والسلام ونحوِ هذا (٤). وإنَّما قيل للإعراضِ: تدابرٌ؛ لأنَّ مَن أبغَضته أعرَضتَ عنه، ومن أعرَضتَ عنه ولَّيتَه دُبرَك، وكذلك يَصنعُ هو بك، ومن أحبَبتَه أقبَلتَ عليه وواجَهتَه، لتَسُرَّه


= قلنا: وهذا يعني أنّ ابنَ أبي مريم أدرج هذه الزيادة من متن حديث آخر.
وأمّا رواية مالك عن أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة المشتملة على هذه الزيادة فهي عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار ١/ ٣٩٩ (٤٥٧) من طريق عبد الله بن وهب عن مالك، به.
(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٥٩٤)، وأبو يعلى في مسنده ١١/ ٩ (٦١٤٨)، والدولابي في الكنى والأسماء (٨٤٢)، وابن عدي في الكامل ٤/ ١٠٤، والبيهقي في الكبرى ٦/ ١٦٩ (١٢٢٩٧) من طرق عن ضمام بن إسماعيل، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: "تهادوا تحابُّوا". ضمام بن إسماعيل صدوق حسن الحديث كما في تحرير التقريب (٢٩٨٥)، وموسى بن وردان وثقه العجلي وأبو داود ويعقوب بن سفيان، وقال أبو حاتم والدارقطني كما في تحرير التقريب (٧٠٢٣)، لا بأس به.
ولكنه يُروى مرسلًا، أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٩٥ (٢٦٤١) عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تصافحوا يَذْهِبِ الغِلُّ، وتهادوا تحابُّوا وتذهبِ الشَّحناءُ"، وسيأتي في ثالث أحاديث مالك عن عطاء الخراساني مع مزيد كلام عليه.
(٢) في الموطّأ ٢/ ٤٨٩ (٢٦٣٢)، وسيأتي في موضعه مع مزيد كلام عليه.
(٣) الضمير لم يرد في د ١.
(٤) قوله: "ونحو هذا" لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>