للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قولُه: "فجُحِش شِقُّه". فإنَّ ذلك كما لو زاحَم إنسانٌ جِدارًا، فانخَدَش خَدشًا بيِّنًا، كما نقولُ نحنُ: انسلَخ وانجرَح (١). فالجحْشُ: فوقَ الخَدْشِ، وحَسبُك أنّه لم يقدِرْ على الصلاةِ قائمًا فصلَّى قاعدًا.

وأمَّا قولُه: "إنّما جُعِل الإمامُ ليؤتمَّ بهِ" فقد أجمع العلماءُ على أنَّ الائتِمامَ واجبٌ على كلِّ مأموم بإمامِه في ظاهرِ أفعالِه، وأنَّه لا يجوزُ له خلافُه لغيرِ عُذرٍ. وفيه (٢) حجَّةٌ لمالكٍ، وأبي حنيفةَ، وأصحابِهما في إبطالِ صلاةِ مَن خالفت نيّته نيَّةَ إمامِه، فصلَّى ظهرًا خلفَ إمام يُصلِّي عصرًا، أو صلَّى فريضَة خلفَ إمام يُصلِّي نافِلَةً؛ لأنه لم يأتمَّ به في صلاتِه، فوجَب ألّا يُجزئَه (٣).

وأمَّا اختلافُ نِيَّةِ الإمام والمأموم، فقد أرجأنا القولَ في هذه المسألةِ (٤)، إلى بلاغاتِ مالكٍ ومرسلاتِه عن نفسِه، حيثُ قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّما جُعِل الإمامُ ليُؤتمَّ به، فلا تختلفُوا عليه". فهناك أولى المواضع به (٥) (٦)، وقد ذكرنا هذه (٧) اللفظةَ مسندةً من غيرِ حديثِ مالكٍ في هذا البابِ بإسنادٍ صحيح، وذكرنا هنالك ما للعلماء في جوازِ اختلافِ نِيَّةِ المأموم والإمام مِن المذاهبِ والأقوالِ والتنازُع والاعتِدَالِ إن شاءَ الله.


(١) قوله: "كما نقول ... وانجرح" لم يرد في د ١.
(٢) من هنا إلى آخر الفقرة لم يرد في د ١.
(٣) ينظر: بداية المجتهد لابن رشد ١/ ١٢٨ فيما نقله عن أبي حنيفة ومالك إلى أنه يجب توافقُ نيَّةِ المأموم نيَّة الإمام، وقال: وذهب الشافعيُّ، إلى أنه ليس يجب.
(٤) في د ١: "فسيأتي ذكر ذلك".
(٥) قوله: "فهناك أولى المواضع به" لم يرد في د ١، وهو ثابت في ج.
(٦) سيأتي عند الحديث الحادي والأربعين من بلاغات مالك.
(٧) من هنا إلى قوله: "وذكرنا" سقط من د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>