للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قولُه: "فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا" فهذا كلامٌ خَرَج على صلاةِ الفريضةِ؛ لأنه صلَّى بهم صلاةً مِن الصَّلَواتِ الخمسِ، حينَ ذكر ذلك لهم، وأمرَهم بما في هذا الحديثِ (١)، وهذا ما لا خِلافَ فيه، وقد أجمَعُوا على جَوازِ صَلاةِ الجالِسِ خلفَ القائِم في النَّافِلَةِ، فدَلَّ ذلك (٢) على ما ذكرنا، إلّا أنَّ المصلِّيَ في النافلةِ جالسًا وهو قادر على القيام، له نصفُ أجرِ صلاةِ القائم، وقد مَضَى القولُ في حُكم صَلاةِ القاعدِ في النافلَةِ، وحُكم صلاةِ المريضِ في بابِ إسماعيلَ بنِ محمدِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقاص.

وفي قوله: "فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا" بيانٌ لقوله عزَّ وجلَّ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]. وأجمَع العلماءُ على أنَّ القيامَ في صلاةِ الفريضةِ فرضٌ واجبٌ على كلِّ صحيح قادرٍ عليه، لا يُجزِئُه غيرُ ذلك إنْ كان مُنفَردًا أو إمامًا.

واختلفوا في المأموم الصَّحيح يُصلِّي قاعدًا خلفَ إمام مريضٍ لا يستَطيعُ القيامَ، فأجازَت "ذلك" طائفةٌ من أهلِ العلم؛ اتِّباعًا لهذا الحديثِ وما كان مثلَه من قوله -صلى الله عليه وسلم- في الإمام: "وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلُوسًا أجمعونَ"، رُوي هذا الحديثُ (٣) عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من طرقٍ كثير (٤) متواترةٍ؛ مِن حديثِ أنسٍ (٥)، وحديثِ


(١) قوله: "وأمرهم بما ... الحديث" سقط من د ١.
(٢) اسم الإشارة لم يرد في د ١.
(٣) كلمة "الحديث" لم ترد في د ١.
(٤) كلمة "كثيرة" لم ترد في د ١.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٢٠/ ٩٤ - ٩٥ (١٢٦٥٦)، والبخاري (٦٨٩)، ومسلم (٤١١) (٨١) من حديث الزُّهري، عن أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>