للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أبي هريرةَ، قال: إنّما الإمامُ أميرٌ، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا (١).

وروى الليثُ بنُ سعدٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن أبي الزُّبيرِ: أنَّهم شيَّعوا جابرَ بنَ عبدِ الله وهو مريضٌ، فصلَّى بهم قاعدًا، وصلَّوا معه قُعودًا (٢).

وقال جمهورُ أهلِ العلم: لا يجوزُ لأحدٍ أن يُصلِّيَ في شيءٍ من الصَّلَواتِ المكتُوباتِ جالسًا وهو صحيحٌ قادرٌ على القيام؛ لا إمامًا، ولا منفرِدًا، ولا خلفَ إمام (٣).

ثم اختلفوا؛ فمنهم مَن أجازَ صلاةَ القائم خلفَ القاعدِ المريضِ؛ لأنَّ كلًّا يؤدِّي فرضَه على قدرِ طاقتِه، اقتداءً وتأسِّيًا برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إذْ صلَّى في مرضِه الذي تُوفي فيه قاعدًا، وأبو بكر إلى جَنبِه قائمًا يُصلِّي بصلاتِه، والناسُ قيامٌ خلفَه يُصلُّون بصلاتِه، فلم يُشِرْ إلى أبي بكرٍ ولا إليهم بالجلُوسِ، وأكمَل صلاتَه بهم جالسًا وهم خلفَه قيامٌ (٤).

ومعلومٌ أنَّ ذلك كان منه بعدَ سقوطِه عن فرسِه، وصلاتِه حينئذٍ قاعدًا،


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٢/ ٤٦١ (٤٠٨٣)، والحميدي في مسنده (٩٥٩)، وابن أبي شيبة في المصنّف (٧٢١٦)، وابن المنذر في الأوسط ٤/ ٢٣٤ (٢٠٤٤) من طرقٍ عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسيّ، به، وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه الشافعيّ في مسنده ١/ ١١٢ (٣٣٣ - ترتيب السندي)، وابن أبي شيبة في المصنّف (٧٢١٥)، وابن المنذر في الأوسط ٤/ ٢٣٤ (٢٠٤٣) من طرق عن يحيى بن سعيد، به. وأبو الزُّبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس.
(٣) ينظر: الإجماع لابن المنذر ١/ ٤٢ (٦٥).
(٤) سيأتي تفصيل القول فيه في الحديث الثالث والخمسين من أحاديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>