للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ثبَت مِن جِهةِ الأثرِ والنَّظَرِ أنَّ حُكمَ قولِه: "فإذا كبَّر فكبِّروا" في تكبيرةِ الإحرام أن يكونَ فراغُ المأموم منها بعدَ فراغ الإمام منها، وابتِداؤُه بها بعدَ ابتداء الإمام بها، وإن كان ذلك معًا، فالقياسُ أن يكونَ الرُّكُوعُ والسُّجُودُ وسائرُ العملِ كذلك. وسيأتي ذكرُ التَّكبير، والحُكمُ فيه عندَ الخفض والرَّفع والإحرام، في بابِ ابنِ شهابٍ، عن أبي سلَمةَ، وعن عليِّ بنِ حسينٍ، مِن هذا الكتابِ إن شاء الله.

قال أبو بكرٍ الأثرمُ: سمِعتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ يُسألُ: متى يُكبَّرُ خلفَ الإمام، ومتى يُركَعُ؟ فذكَر الحديثَ: "إذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركَع فاركَعوا". ثم قال: يَتْبعُه في كلِّ شيءٍ يصنَعُه؛ كُلَّما فعَل شيئًا فعَله بعدَه.

وأمَّا قولُه: "وإذا قال: سمِع اللهُ لمن حَمِدَه. فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ". فإنَّه يقتضي ما قاله مالكٌ ومَن قال بقَوْلِه في ذلك: أنَّ الإمامَ يقتصِرُ على قولِ: سمِع اللهُ لمن حَمِدَه. وهو حُجَّةٌ على مَن قال: إنَّ الإمامَ يقولُ: سمِع اللهُ لمن حَمِدَه، ربَّنا ولكَ الحمدُ. كما يفعَلُ المنفَرِدُ، وإنَّ المأمُومَ كذلك يقولُ أيضًا. ولا أعلمُ خِلافًا أنَّ المنفَرِدَ يقولُ: سمِع اللهُ لمن حمِده، ربَّنا لك الحمدُ. أو: ولكَ الحمْدُ.

وإنَّما اختلَفُوا في الإمام والمأموم؛ فقالت طائفَةٌ مِن أهلِ العلم: الإمامُ إنَّما (١) يقولُ: سمِع اللهُ لمن حمِده. فقط، ولا يقولُ: ربَّنا ولك الحمدُ. وممَّن قال بذلك أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، واللَّيْثُ، ومَن تابَعهم (٢). وحُجَّتُهم ظاهرُ حديثِ أنسٍ هذا وما كان مثلَه.


(١) حرف الحصر لم يرد في د ١.
(٢) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ٥، والمدوّنة لسحنون ١/ ١٦٦، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>