للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه: مِن أدب المُؤاكَلَةِ والمجالسَةِ: أنَّ الرجلَ إذا أكَلَ أو شَرِبَ، ناوَلَ فَضْلَه الذي على يَمِينِه، كائنًا مَن كان، وإن كان مَفْضُولًا وكان الذي على يَسارِه فاضِلًا. وفي القِياسِ على هذا النَّصِّ في هذا الحديثِ، أنْ لو كان كافَرًا، كان الأدَبُ والسُّنةُ أن يُؤثَرَ مَن على اليمينِ أبدًا على مَن كان على اليَسارِ بفضلِ الشرابِ، واللهُ أعلم. وكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُحِبُّ التَّيامُنَ في أمره كُلِّه، كذلك ثَبَت عنه -صلى الله عليه وسلم- (١).

وفيه: مُواسَاةُ الجُلَساء فيما يأتي صاحِبَ المجلسِ مِن الهدايا، وقد رُوي مَرْفُوعًا: "جُلَساؤُكم شُرَكاؤُكم في الهَدِيَّةِ" (٢). وهذا، إن صَحَّ، فعلى النَّدْبِ إلى التحابِّ، وبرِّ الجلِيسِ، وإكرام الصديق، وهذا كلُّه مِن محاسنِ الأخلاق.

وقد حَكَى بعضُ الناسِ عن مالكٍ في هذا الحديثِ شيئًا خِلافَ ما يُوجِبُه ظاهِرُه، ولا يَصِحُّ، وبالله العِصْمَةُ (٣) والتوفيق.

ورَوى مِنْدَلُ بنُ عليٍّ، عن ابنِ جُريج، عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أتَتْه هديَّةٌ وعنده قومٌ، فهم شُرَكاؤُه فيها" (٤).


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤١/ ١٧٤ (٢٤٦٢٧)، والبخاري (١٦٨) و (٤٢٦)، ومسلم (٢٦٨) من حديث مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، وقد سلف تخريجه مرارًا.
(٢) يروى بهذا اللفظ في بعض الشروح بلا إسناد، مثل عمدة القاري للعيني ١٢/ ١٩٢، وشرح الزرقاني على الموطأ ٤/ ٤٦٧، وانظر ما بعده.
(٣) هذه الكلمة لم ترد في د ١.
(٤) أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (٧٠٥)، والعقيلي في الضعفاء ٣/ ٦٧، والطبراني في الكبير ١١/ ١٠٤ (١١١٨٣)، وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٣٥١، والبيهقي في الكبرى ٦/ ١٨٣ (١٢٣٩٤) من طرقٍ عن مندل بن عليّ. ومندل بن عليّ، أبو عبد الله الكوفي، يقال: اسمه عمرو، ومندل لقبٌ غلب عليه، وهو ضعيف، ضعّفه أحمد بن حنبل وابن معين كما في تهذيب الكمال ٢٨/ ٤٩٥ (٦١٧٦)، وقال العقيلي بإثره، ولا يصحُّ في هذا الباب شيءٌ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>