للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ (١)، عن ابنِ شهابٍ، عن عبدِ الله بنِ عامرِ بنِ ربيعةَ؛ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ خرَجَ إلى الشام، فلمَّا جاءَ سَرْغَ بلَغَه أنَّ الوبَاء قد وقَعَ بالشام، فأخبرَه عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا سَمِعتُم به بأرضٍ فلا تَقْدَموا عليه، فإذا وقَع بأرضٍ وأنتم بها، فلا تخرجُوا فِرَارًا منه". فرجَع عمرُ مِن سَرْغَ.

سَرْغُ (٢) موضِعٌ بطريقِ الشام، قيل: إنّه وادي تَبُوكَ. وقيل: بقُربِ تَبُوك. وقولُه في هذا الحديثِ وغيره: إنَّ عمرَ بلَغَه إذ بَلَغَ سَرْغَ متوجِّهًا إلى الشام، أنَّ الوباء قد وقَع بالشَّام. فإنَّ المعنى عندهم: أنَّ الوباء وقَع بدِمَشْقَ، وكانت أُمَّ الشَّام، وإليها كان مَقْصِدُه.

ورُويَ عن مالكٍ أنّه سُئِلَ عن قولِ عمر: لبَيتٌ برُكْبةَ، أحَبُّ إليَّ مِن عشَرَةِ أبياتٍ بالشام (٣). فقال: إنّما قال ذلك عمرُ حينَ وقَع الوباءُ بالشَّام.

وقد رُويَ عن عُمر: لأنْ أعملَ عشْرَ خطايا برُكْبَةَ، أحَبُّ إليَّ مِن أن أعْمَلَ واحِدَةً بمكة (٤). ورُكْبَةُ (٥): وادٍ مِن أوْدِيَةِ الطائِفِ.

ذكرَ أهلُ السِّيَرِ: أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ خرَج إلى الشام، واستَخْلَف على المدينةِ زيدَ بنَ ثابتٍ، وذلك سنةَ سبعَ عَشْرَةَ، فلمَّا بلَغَ سَرْغَ، أتَاه الخبرُ عن الطَّاعُون، فانصَرَف مِن سَرْغ (٦).

قال أبو عمر: الوباءُ الطاعونُ، وهو موتٌ نازِلٌ شامِلٌ (٧) لا يحِلُّ لأحدٍ


(١) الموطأ ٢/ ٤٧٦ (٢٦١٣).
(٢) معجم البلدان ٣/ ٢١١.
(٣) في الموطأ ٢/ ٤٧٧ (٢٦١٥).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٥/ ٢٧ (٨٨٧١) وابن أبي شيبة في المصنّف (١٤٢٩١)، والفاكهي في أخبار مكّة (١٤٩١) من طرق عنه رضي الله عنه.
(٥) معجم البلدان ٣/ ٦٣.
(٦) ينظر: تاريخ الطبري ٤/ ٥٧.
(٧) قوله: "شامل" لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>