للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ (١)، عن ابنِ شِهابٍ، عن السائِبِ بنِ يزيدَ، عن المُطَّلِبِ بنِ أبي ودَاعَةَ السَّهْمِيِّ، عن حفْصةَ زَوْج النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أنَّها قالت: ما رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- صلَّى في سُبْحَتِه قاعِدًا قَطُّ، حتى كان قبلَ وفاتِه بعام، فكان يُصَلِّي في سُبْحَتِه قاعِدًا، ويَقْرَأُ بالسُّورَةِ فيُرتِّلُها، حتّى تكونَ أطولَ مِن أطولَ منها.

هكذا رواه جماعةُ رُواةِ "الموطأ" بهذا الإسنادِ، عن مالكٍ، عن ابنِ شِهابٍ، عن السائبِ (٢).

ورواه أبو حُمَةَ محمدُ بنُ يوسُفَ، عن أبي قُرَّةَ مُوسى بنِ طارقٍ، عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن عطاء بنِ يزيدَ الجُنْدُعيِّ، عن المُطَّلِبِ بنِ أبي وداعَةَ. فأخْطَأ فيه. ورواه عليُّ بنُ زيادٍ، عن موسى بنِ طارِقٍ، عن مالكِ بن أنَس، عن ابنِ شِهابٍ، عن السائِبِ بنِ يِزِيدَ كما رواه الناسُ، وهو الصَّوابُ.

وفي هذا الحديثِ مِن الفِقْهِ: إجازَةُ صَلاةِ النّافِلَةِ جالسًا لمن يُطِيقُ القيام.

والسُّبْحَةُ: النَّافِلَةُ. دليلُ ذلك قولُه -صلى الله عليه وسلم-: "سيكونُ عليكم أمراءُ يُؤخِّرون الصلاةَ عن مِيقاتِها، فصَلُّوا الصلاةَ لوَقْتِها، واجعَلُوا صَلاتَكم معَهم سُبْحَةً" (٣). يعني: نافِلَةً، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: ١٤٣]. جاء في التَّفْسِير (٤): لولا أنَّه كان مِن المُصَلِّينَ.

وقد يحتَمِلُ في اللُّغَةِ أن تكونَ السُّبْحَةُ اسْمًا لجنس الصلاةِ كلِّها؛ نافِلَةً وغيرها. وفي اللُّغَةِ أنَّ الصلاةَ أصْلُها: الدُّعاءُ، لكنَّ الأسماء الشَّرْعِيَّةَ أولى؛ لأنَّها قاضِيةٌ


(١) الموطأ ١/ ١٩٩ (٣٦٣).
(٢) رواه عن مالك: أبو مصعب الزُّهري (٣٤٢)، ومحمد بن الحسن الشيباني في موطئه (١٥٤)، وابن القاسم في موطئه (٧)، وسويد بن سعيد في موطئه (١١٠).
(٣) سلف تخريجه في سياق شرح الحديث التاسع عشر لمالك عن زيد بن أسلم.
(٤) قوله: "جاء في التفسير" لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>