للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اللُّغَويَّةِ (١)، وفي قول رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلُوا صلاتكم معهم سُبْحَةً". وقد رُوي: "اجعَلُوا صلاتَكم معَهم نافلَةً" (٢). وكذلك قولُه للذَيْنِ لم يُصلِّيا معَه بمسجِدِ الخَيْفِ: "إذا صلَّيتُما في رحالِكما ثم أتَيْتُما المسجِدَ، فصلِّيا مع الناس، تكونُ لكما سُبْحَةً" (٣). ورُويَ: "تكونُ لكما نافِلَةً" (٤). وهذا كلُّه دليلٌ على أنَّ السُّبْحَةَ حَقِيقتُها في الاسم الشَّرْعِيِّ النافِلَةُ دونَ الفَريضَةِ؛ لأنّه مرَّةً يقولُ: "سُبْحَةً"، ومرَّةً يقولُ: "نافِلَةً".


(١) قال أبو البقاء الكفوي: والمشهور أن الصلاة حقيقة شرعية في الأركان، وحقيقة لغويّةٌ في الدُّعاء، أو مجازٌ لغويٌّ في الأركان، ومجازٌ شرعيٌّ في الدُّعاء. والصلاةُ التي هي العبادة المخصوصة أصلُها الدُّعاء، وسُميِّت هذه العبادة بها كتسمية الشيء باسم بعض ما يتضمَّنُه. ينظر: الكُلّيات ص ٥٥٣ - ٥٥٤.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣٧/ ٣٥٦ (٢٢٦٨١) و ٣٩/ ٢٧٢ (٢٣٨٥٢) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن أبي المثنّى، عن ابن امرأةِ عُبادة بن الصامت، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
وفي الموضع الثاني عن محمد بن جعفر وحجاج بن محمد المصيصى، به. إلا أن أبا المثنّى قال فيه: عن أبي أُبيِّ ابن امرأة عبادة بن الصامت، به، ولكن بلفظ "اجعلوا صلاتكم معهم تطوُّعًا"، وإسناده ضعيف، أبو المثنّى، قيل: هو ضمضم الأُملوكي الحمصي الذي يروي عنه صفوان بن عمرُ السَّكسكي، وقال ابن القطّان: أبو المثنّى مجهول، سواء كان واحدًا أو اثنين. قلنا: وقد اضطرب فيه، فمرَّة يقول: عن ابن امرأة عبادة، ومرة: عن أبي أُبيّ ابن امرأة عبادة بن الصامت.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٩/ ٧ (٣٨) عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، به. والحديث السالف: "اجعلوا صلاتكم معهم سبحة" يغني عنه.
(٣) سلف تخريجه في شرح الحديث التاسع عشر من أحاديث مالك عن زيد بن أسلم.
(٤) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٢/ ٢٦٢ (١٢٧٩)، والطبراني في الصغير (٦٠٣)، وفي مسند الشاميين (٢٤٨٣) من طريقين عن جابر بن يزيد السُّوائي عن أبيه. وحسّن إسناده الهيثمي في المجمع ٨/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>