للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكَرْتُ في بابِ محمدِ بنِ أبي أُمَامةَ مِن هذا الكتابِ (١)، زيادَةً في هذا المعنى وشرحًا، والحمدُ لله.

وفي تَغَيُّظِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- على عامِرِ بنِ ربيعةَ دليلٌ على أنَّ تَأنِيبَ كلِّ مَن كان منه أو بسَبَبِه سُوءٌ وتَوْبِيخَه، مُبَاحٌ، وإن كان الناسُ كلُّهم يجرُونَ تحت القَدَرِ، ألا ترى أنَّ القاتِلَ يَقْتُلُ وإن كان المقْتُولُ يموتُ بأجلِه؟

وذكرَ الحسَنُ بنُ عليٍّ الحُلْوانيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الصَّمَدِ (٢)، قال: حدَّثنا أبو هاشِم صاحِبُ الزَّعْفَرانيِّ، قال: قلتُ للحسنِ: رجلٌ قتَل رجلًا، أبأجَلِه قتَلَه؟ قال: قتَلَه بأجلِه وعَصَى ربَّه (٣).

قال أبو عمر: وكذلك يُوبَّخُ كلُّ مَن كان منه أو بسَبَبِه سوءٌ، وإن كان القَدَرُ قد سبَقَ له بذلك.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم -في غيرِ هذا الحديثِ-: "لو كان شيءٌ يَسْبِقُ القَدَرَ لسَبقَتْه العينُ" (٤) دليلٌ على أنَّ المرءَ لا يُصِيبُه إلّا ما قُدِّرَ له، وأنَّ العينَ لا تَسْبِقُ القَدَرَ، ولكنَّها مِن القَدَر.

وفي قولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا برَّكْتَ؟ " دليلٌ على أنَّ العينَ لا تَضُرُّ ولا تَعْدُو إذا برَّكَ العائِنُ، وأنَّها إنّما تَعْدُو إذا لم يُبَرِّك، فواجِبٌ على كلِّ مَن رأى


(١) ولمالكٍ عنه حديث واحد، سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٢) هو عبد الصمد بن عبد الوارث.
(٣) أخرجه أحمد بن محمد الكرجيّ القصاب في النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام ١/ ٢٢٣، ٢٢٤ من طريق الحسن بن عليّ الحلواني، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن الأسود بن سنان، عن عِسْل بن سفيان، قال: أتيت الحسن، فقلت، فذكره بنحوه.
(٤) سيأتي بإسناد المصنّف بعد قليل مع تخريجه هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>