للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا أعجَبه أن يُبرِّكَ، فإنَّه إذا دعَا بالبركةِ صُرِف المحذورُ لا محالَةَ، واللهُ أعلمُ. والتَّبْرِيكُ: أن يقولَ: تَبارَكَ اللهُ أحْسَنُ الخالقين، اللَّهُمَّ بَارِكْ فيه.

وفيه: أنَّ العائِنَ يُؤْمَرُ بالاغتسالِ للذي عانَه، ويُجْبَرُ عندي على ذلك إن أباهُ؛ لأنَّ الأمْرَ حَقِيقَتُه الوُجُوبُ، ولا ينبَغي لأحدٍ أن يمنَعَ أخاه ما ينتَفِعُ به أخوه ولا يَضُرُّه هو، لا سيَّما إذا كان بسَبَبِه وكان الجانيَ عليه، فواجِبٌ على العائِنِ الغُسْلُ عندي، واللهُ أعلم.

وفيه: إباحَةُ النُّشْرةِ (١)، وإباحَةُ عَمَلِها. وقد قال الزُّهريُّ في ذلك: إنَّ هذا منَ العِلْم (٢). وإذا كانت مُبَاحَةً، فجائِزٌ أخْذُ البَدَلِ عليها، وهذا إنّما يكونُ إذا صَحَّ الانْتِفاعُ بها، فكلُّ ما لا يُنْتفَعُ به بيقينٍ، فأكْلُ المالِ عليه باطلٌ محُرَّمٌ، وقد ثَبَت عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه أمَرَ بالنُّشْرَةِ للمَعِينِ. وجاء ذلك عن جماعةٍ مِن أصحابِه؛ منهم: سَعْدُ بنُ أبي وقَّاصٍ، خرَجَ يومًا وهو أميرُ الكوفةِ، فنَظَرَتْ إليه امرأةٌ فقالت: إنَّ أميرَكم هذا لأهْضمُ الكَشْحَيْن (٣). فعانَتْه (٤)، فرَجَع إلى مَنْزِلِه، فوُعِك، ثم إنّه بلَغَه ما قالت، فأرْسَل إليها، فغَسَلَت له أطرَافَها، ثم اغتَسَل به، فذَهَب ذلك عنه (٥).

وأحْسَنُ شيءٍ في تَفْسِيرِ الاغْتِسالِ للمَعِينِ، ما وصَفَه الزُّهريُّ، وهو راوي الحديثِ، ذكرَ ذلك عنه ابنُ أبي ذئْبٍ وغيرُه.


(١) النُّشرة، بضم النون: الرقية التي يعالج بها المريض.
(٢) سيأتي تخريجه بعد قليل.
(٣) أي: دقيق الخَصْرَينِ. (النهاية في غريب الحديث ٤/ ١٧٦، وقال ٥/ ٢٦٥: أي: مُنضَمُّهما. المضَم بالتحريك: انضمام الجَنْبينِ.
(٤) قوله: "فعانته" لم يرد في د ١.
(٥) ذكره أبو عبيد القاسم بن سلّام في غريب الحديث ٢/ ١١٣ ولم يُسنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>