للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخَذ سعدٌ سَلَبَ مَن فعَلَ ذلك. قال (١): وقد اتَّفَق الفقهاءُ على أنّه لا يُؤْخَذُ سَلَبُ مَن صاد في المدينةِ، فدلَّ ذلك على أنّه منسُوخٌ. قال: وقد يحتَمِلُ أن يكونَ معنَى النهي: عن صَيْدِ المدينةِ، وقَطْع شجَرِها؛ لأنَّ الهجرَةَ كانت إليها، فكان بقاءُ الصيدِ والشجرِ ممَّا يَزِيدُ في زينتِها، وَيدْعُو إلى أُلْفَتِها، كما رُوي عن نافِع، عن ابنِ عُمَرَ، أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهى عن هَدْم آطَام المدينةِ (٢)؛ فإنَّها مِن زينَةِ المدينةِ (٣).

قال أبو عمر: ليس في هذا كلِّه حُجَّةٌ؛ لأنَّ حديثَ سَعْدٍ ليس بالقوي، ولو صحَّ لم يكنْ في نسخ أخْذِ السَّلَبِ ما يُسْقِطُ ما صحَّ مِن تحريم المدينةِ، وما تأوَّلَه في زينةِ المدينةِ فليس بشيءٍ؛ لأنَّ الصَّحابةَ تلقَّوا تحريمَ المدينةِ (٤) بغيرِ هذا التَّأويلِ، وسَعْدٌ قد عَمِلَ بما روى، فأيُّ نَسْخ هاهنا (٥)؟


= ٤/ ١٩١ (٦٢٩٩)، وفي شرح مشكل الآثار ١٢/ ٢٨٦ من طرق عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن أبي عبد الله، عن سعد بن أبي وقاصّ رضي الله عنه. وأخرجه بنحوه أحمد في المسند ٣/ ٦٣ - ٦٤ (١٤٦٠)، وأبو داود (٢٠٣٧)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٥/ ١٩٩ (١٠٢٦٨) ثلاثتهم من طريق جرير بن حازم، به. ولكن بلفظ: "من رأيتموه يصيد فيه شيئًا فلَه سَلَبُه، فلا أردُّ عليكم طُعمة أطعَمَنيها رسولُ اللهَ -صلى الله عليه وسلم-، ولكن إن شئتم أعطيتُكم ثمنُه". لفظ أحمد، ولفظه عند أبي داود والبيهقي: "مَن أخذ أحدًا يصيد فيه فَلْيَسْلُبْهُ ثيابه" والباقي بمثله. وإسناده ضعيف، فإن سليمان بن أبي عبد الله لم يرو عنه غير يعلى بن حكيم، وذكره ابن حبَان في الثقات، وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور فيُعتبر بحديثه، وقال العقيلي: مجهول بالنقل.
(١) والقائل: أبو جعفر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء له ٣/ ١٩١، ١٩٢، وقد تكرّر نقل ابن عبد البَرّ عنه في مواضع عديدة، فيذكره في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى لا يذكره.
(٢) في د ١: "بيع أطمار المدينة".
(٣) أخرجه العقيلي في الضعفاء ٢/ ٣١١ من طريق عبد الله بن نافع عن أبيه، به. وعبد الله بن نافع: ضعيف. ونقل العقيلي عن البخاريّ قوله: عبد الله بن نافع مولى ابن عمر عن أبيه: منكر الحديث.
(٤) قوله: "المدينة" لم يرد في د ١.
(٥) قوله: "وسعد قد ... " إلى هنا لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>