للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينَ لابتَيْها" (١). وليس في سُقُوطِ الجزاءِ عمَّن اصْطادَ بالمدينةِ دليلٌ على سُقُوطِ تَحْرِيم صَيْدِها، ألا ترَى إلى قولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنِّي حرَّمتُ المدينةَ كما حرَّمَ إبراهيمُ مكةَ" (٢)؟ قال إسماعيلُ وغيرُه: لم يبلُغْنا أنّه كان في شريعةِ إبراهيمَ جزاءُ صَيدٍ، وظاهِرُ الآيةِ يدُلُّ على أنّه أمرٌ شرَعه اللهُ لهذه الأُمَّةِ بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} إلى قوله: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٤ - ٩٥].

قال إسماعيلُ: حدَّثنا محمدُ بنُ أبي بكرٍ، قال: حدَّثنا الفُضيلُ (٣) بنُ سليمانَ، قال: حدَّثنا محمّدُ بنُ أبي يحيى، عن أبي إسحاقَ، عن عامرِ بن سعدٍ بنِ أبي وقّاصٍ، عن أبيه قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما بين لابَتَي المدينةِ حرامٌ كما حَرَّمَ إبراهيمُ مكّةَ، اللهمَّ اجعل البركةَ فيها بركَتَينِ، وبارِكْ في صاعِهم ومُدِّهم" (٤).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٦٧ (٢٥٩٩)، وسيأتي تمام تخريجه ومزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢٦/ ٣٧٤ (١٦٤٤٦)، والبخاري (٢١٢٩)، ومسلم (١٣٦٠) (٤٥٥) من حديث عبّاد بن تميم عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
(٣) في د ١: "الفضل"، وهو تحريف.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٦٢ (١٤٥٧) عن حُسين بن محمّد -وهو ابن بهرام المروذيُّ- عن الفُضيل بن سليمان، به. وإسناده صحيح، وأبو إسحاق: هو إبراهيم بن سالم بن أبي أميّة التَّيميُّ المدنيّ، المعروف ببَرَدان. وهو ثقة، وثَّقة ابن سعد وابن حبّان، ولا يُعلم فيه جرح كما في تحرير التقريب (١٧٦).
وهو بنحوه في مسلم (١٣٦٣) (٤٥٩) من طريق عثمان بن حكيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنّي أُحرِّم ما بين لابَي المدينة أن يُقطع عِضاها، أو يُقتل صيدُها".

<<  <  ج: ص:  >  >>