للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكْلَ ما قتَلَ الحلالُ مِن الصيدِ في حرم المدينةِ (١). وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: صيدُ المدينةِ غيرُ محرَّم، وكذلك قطعُ (٢) شجرِها. واحتجَّ الطحاويُّ (٣) لهم بحديثِ أنسٍ: "يا أبا عميرٍ، ما فعَلَ النُّغَيْرُ؟ " (٤). قال: فلم يُنكِرْ صيدَه وإمسَاكَه.

قال أبو عمر: هذا قد يجوزُ أن يكونَ صِيدَ في غير حَرَم المدينةِ، فلا حُجَّةَ فيه. واحْتَجَّ أيضًا بحديثِ يونسَ بنِ أبي إسحاقَ، عن مجاهدٍ، عن عائشةَ: كان لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وحْشٌ، فإذا خرَجَ لَعِب واشتدَّ، وأقبَلَ وأدبرَ، فإذا أحَسَّ برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- رَبَضَ، فلم يَترمرمْ (٥)، كراهِيةَ أن يُؤْذِيَه (٦). والقولُ عندي في هذا الحديثِ كالقولِ في حديثِ النُّغيرِ، واللهُ أعلمُ.

قال إسماعيلُ بنُ إسحاقَ بعدَ أن ذكَرَ الآثارَ في تَحرِيم ما بينَ لابَتَي المدينَةِ: إنِّي لأعجبُ ممَّن رَدَّ هذه الأحادِيثَ بحديثِ أنسٍ: "يا أبا عُمَيْرٍ، ما فعَلَ النُّغَيْرُ؟ ".

قال أبو عمر: قد زِدْنا هذا البابَ بيانًا عندَ ذكرِ قولِه -صلى الله عليه وسلم- في حديثِ مالكٍ، عن عمرِو بنِ أبي عمرٍو، عن أنسٍ: "اللَّهُمَّ إنَّ إبراهيمَ حرَّمَ مكةَ، وإنِّي أُحرِّمُ ما


(١) المدوَّنة ١/ ٤٥١، والتهذيب في اختصار المدوّنة للقيرواني ١/ ٤١٦.
(٢) قوله: "قطع" لم يرد في د ١.
(٣) في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٩١، ١٩٢، وينظر: شرح معاني الآثار ٤/ ١٩٣.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٢٣٣ (١٢١٩٩)، والبخاري (٦١٢٩)، ومسلم (٢١٥٠) من حديث أي التَّيّاح -يزيد بن حُميد- عن أنس رضي الله عنه.
(٥) في د ١: "يرمرم"، ويعني: لم يتحرَّك ولم يَبْرحْ مكانه. غريب الحديث للخطابيّ ١/ ٣٨٥.
(٦) أخرجه ابن راهوية في مسنده (١١٩٢)، وأحمد في المسند ٤١/ ٣٢٠ (٢٤٨١٨)، وأبو يعلى في مسنده ٧/ ٤١٨ (٤٤٤١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٩٥ (٦٣٣٠) والبيهقي في دلائل النبّوة ٦/ ٣١ من طرقٍ عن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيّ، به. وإسناده ضعيف فإنَّ مجاهدًا: وهو ابن جبر لم يصرِّح بسماعه من عائشة رضي الله عنها، وقد كان شعبة وأحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد ينكرون سماعه منها كما في المراسيل لابن أبي حاتم، ص ٢٠٣ - ٢٠٤ (٧٤٧ - ٧٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>