للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي هريرةَ أنّه كان يمُرُّ بالمجالسِ فيقولُ: إنَّ أخاكم قد قُبضَ فاشهَدوا جنازتَه (١).

والأصلُ في هذا البابِ قولُه -صلى الله عليه وسلم- في حديثِ ابنِ شهاب، عن أبي أُمامةَ: "هلَّا آذنتموني بها؟ " (٢). وقولُه في هذا الحديث: نعَى النَّجاشيَّ للنَّاسِ. والنَّظرُ يشهَدُ لهذا؛ لأنَّ شهودَ (٣) الجنائزِ أجرٌ وخيرٌ، ومَن دعا إلى ذلك فقد دعا إلى خيرٍ وأعانَ عليه.

وفيه: أنَّ من السُّنَّةِ أن تخرُجَ الجنازةُ إلى المصلَّى ليُصلَّى عليها هناك، وفي ذلك دليلٌ على أنَّ صلاتَه على سُهيلِ بنِ بيضاءَ في المسجدِ إباحةٌ ليس بواجبٍ، وسيأتي القولُ في ذلك في بابِ أبي النَّضرِ (٤) إن شاء الله.

وفيه: الصلاةُ على الميِّتِ الغائبِ، وأكثرُ أهلِ العلم يقولونَ: إنَّ هذا خُصوصٌ للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. وقد أجازَ بعضُهم الصلاةَ على الغائبِ إذا بلغَه الخبرُ بقربِ موتِه، ودلائلُ الخصوصِ في هذه المسألةِ واضحةٌ لا يجوزُ أن يَشرَكَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فيها غيرُه؛ لأنّه، واللهُ أعلمُ، أُحضِرَ رُوحُ النَّجاشيِّ بينَ يديه، حيثُ شاهدَها وصلَّى عليها، أو رُفعَتْ له جنازتُه، كما كُشفَ له عن بيْتِ المقدسِ حينَ سألته قُريشٌ عن صفتِه. وقد رُويَ أنَّ جبريلَ عليه السَّلامُ أتاه برُوح جعفرٍ أو جنازتِه،


(١) أخرجه ابن المبارك في الزُّهد والرَّقائق ٢/ ٣٩ (زيادات نعيم) عن حميد بن عبد الرحمن الرُّؤاسي، عن هشام بن عروة، عن أخيه عبد الله بن عروة، قال: توفي رجلٌ، قال: فجعل أبو هريرة يمُرُّ بالمجالس، فذكره. وإسناده إليه صحيح.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣١٢ (٦٠٧) عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، مرسلًا، وهو الحديث الئالث من أحاديث ابن شهاب عن أبي أُمامة، وقد سلف تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٣) قوله: "شهود" لم يرد في د ١.
(٤) أبو النَّضْر مولى عمر بن عُبيد الله عن عائشة رضي الله عنها وهو الحديث الثاني عشر عنه، وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى مع تمام تخريجه ومزيد كلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>