للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فاقضوا" (١). فلو كبَّر قبلَ أنْ يُكبِّر إمامُه في الجِنازة، ثم قضَى ما فاتَه، على عُموم هذا الحديثِ، صارَتْ خمسًا.

وحجَّةُ روايةِ أشهبَ ومَن قال بها أنَّ التَّكبيرَ الأوَّلَ بمنزلةِ الإحرام، فينبغي أنْ يفعلَه على كلِّ حال، ثم يقضيَ ما فاتَه بعدَ سلام إمامه. وقال أحمدُ: كُلُّ ذلكَ سهلٌ، لا بأسَ به (٢). روَى وكيعٌ، عن سفيانَ، عن مُغيرةَ، عن الحارثِ العُكْليِّ، قال: إذا جئْتَ وقد كبَّر الإمامُ على الجنازِة، فقمْ، ولا تُكبِّر حتى يُكبِّر (٣).

واختلفوا إذا رُفعَتِ الجنازة؛ فقال مالكٌ والثَّوريُّ: يقضِي ما فاتَه مِن التَّكبير نسَقًا مُتتابعًا، ولا يَدْعُ فيما بينَ ذلك بشيء، رُفعَ النَّعشُ أو لم يُرفعْ. وقال أبو حنيفةَ والشَّافعيُّ: يقضي ما بقيَ عليه مِن التَّكبير ما لم يُرفعْ، ويدعُو ما بينَ التَّكبير. وقال اللَّيثُ: كان الزُّهريُّ يقولُ: يقضي ما فاته (٤). وكان ربيعةُ يقول: لا يقضي. وقال اللَّيثُ: يقضي. وقال الأوزاعيُّ: لا يقضي. وقال أحمدُ بنُ حنبل: إنْ قضَى قبلَ أنْ يُرفعَ فحسنٌ، وإلّا فلا شيءَ عليه (٥).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١١٥ - ١١٦ عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه وإسحاق بن عبد الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو الحديث السادس للعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه وإسحاق بن عبد الله، وسيأتي مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
وهذا الجزء من الحديث عند البخاري (٦٣٦)، ومسلم (٦٠٢) من غير طريق مالك من حديث سعيد بن المسيِّب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٣/ ١٤٠٩ (٨٣٧).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٤٨٥ (٦٤١٦) عن سفيان الثوريّ، به. ومغيرة: هو ابن مِقْسَم الضَّبيّ.
(٤) قوله: "من التكبير ما لم ... " إلى هنا لم يرد في د ١.
(٥) تنظر جملة الأقوال المذكورة في: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٩٦، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر الشاشيّ القَفّال ٢/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>