للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأثرمُ: قلتُ لأحمدَ بنِ حنبلٍ: فإنْ كبَّر الإمامُ خمسًا، أكبِّر معه؟ قال: نعم، قال ابنُ مسعودٍ: كبِّر ما كبَّر إمامُك. قيلَ لأبي عبدِ الله: أفلا ننصرفُ إذا كبَّر الخامسةَ؟ فقال: سُبحانَ الله! النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- كبَّر خمسًا؛ رواه زيدُ بنُ أرقم. ثم قال: ما أعجبَ الكوفيِّين! سفيانُ رحِمَنا اللهُ وإيَّاه يقول (١): ينصرِفُ إذا كبَّر الخامسةَ. وابنُ مسعودٍ يقول: ما كبَّر إمامُكم فكبِّروا. وقال أبو عبدِ الله: الذي نختارُه يُكبِّر أربعًا، فإنْ كبَّر الإمامُ خمسًا كبَّرنا معه؛ لِما رواه زيدُ بنُ أرقم، ولقولِ ابنِ مسعود، قيلَ له: فإنْ كبَّر ستًّا، أو سبعًا، أو ثمانيًا؟ قال: أمَّا هذا فلا، وأمَّا خمسٌ فقد رُويَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

وأجمَعَ هؤلاء الفقهاءُ على أنَّ مَن فاتَه بعضُ التَّكبير، فإنَّه يُكبِّر مع الإمام ما أدركَ منه، ويقضِي ما فاتَه، وهو قولُ ابنِ شهاب (٢).

واختلفوا إذا وجَدَ الإمامَ قد سبقَه ببعضِ التَّكبير؛ فروَى أشهبُ، عن مالك: أنّه يُكبِّرُ أوَّلًا ولا ينتظِرُ الإمامَ (٣). وهو قولُ الشَّافعيِّ، واللَّيث، والأوزاعي، وأبي يُوسف (٤).

وقال أبو حنيفةَ ومحمدٌ (٥): ينتظِرُ الإمامَ حتى يُكبِّر، فإذا كبَّر كبَّر معه، وإذا سلَّمَ قضَى ما عليه. ورواه ابنُ القاسم عن مالك (٦). وحجَّةُ مَن قال هذا قولُه -صلى الله عليه وسلم-:


(١) قوله: "يقول" لم يرد في د ١.
(٢) أخرجه عن مالك في الموطّأ ١/ ٣١٢ (٦٠٨).
(٣) نقل هذه الرواية عن مالك ابن رشد في بداية المجتهد ١/ ٢٥٢، وقال: وهو أحد قولي الشافعيّ.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٩٨.
(٥) وهو ابن الحسن الشيباني، وهذا في كتابه الأصل المعروف بالمبسوط ١/ ٤٢٧، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٩٨، وبدائع الصنائع للكاساني ١/ ٣١٣ حيث ذكر اختلاف الروايات في ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
(٦) في المدوّنة ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>