للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدًا قال بهذا، إنّما أعرِفُ أن من الناسِ مَن قال: أنا أقطَعُ وإن كنتُ خلفَ الإمام، وأُصلِّي التي ذكرتُ؛ لقولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "فليصلِّها إذا ذكرها". قال: وهذا شنيعٌ أن يقطَع وهو خلفَ الإمام. قيل له: فما تقولُ أنتَ؟ قال: يتمادَى مع الإمام، وإن كان وحدَه قطَع (١).

وذكر الأثرمُ، قال: حدَّثنا الحكمُ بنُ موسى، قال: حدَّثنا هِقْلٌ (٢)، قال: حدَّثنا الأوزاعيُّ، قال: سمِعتُ الزهريَّ يقولُ في الذي ينسَى الظهرَ ولا يذكُرُها حتى يدخُلَ في (٣) العصر، قال: يَمضي في صلاةِ الإمام، فإذا انصرَف، استقبَل الظهرَ فصلَّاها، ثم يُصلِّي العصرَ (٤).

قال أبو عمر: هذا ابنُ شهابٍ يُفْتي بقولِ ابنِ عمر، وهو الذي يروي قولَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن نام عن صلاةِ أو نسِيَها، فليُصلها إذا ذكرها؛ فإن اللهَ يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} ". وقد رأى تماديَه مع الإمام، ثم رأى إعادتَها. لا (٥) أدري إن كان استحبابًا أو إيجابًا. وقد يحتمِلُ هذا الحديثُ إيجابَ الترتيبِ، ويحتمِلُ أن يكونَ معناه الإعلامَ بأنها غيرُ ساقطةٍ بالنوم والنسيانِ. وقد أجمَعوا على أن الترتيبَ فيما كثُر غيرُ واجبٍ، فدلَّ ذلك على أنّه مُستحبٌّ في القليلِ، واللهُ أعلم.

ويدُلُّك على أن ذلك عندَهم استحبابٌ، لأنهم يأمُرونه إذا ذكرها وهو وحدَه في صلاةٍ أن يقطَعها، وإن ذكرها وراءَ إمام تمادَى مع الإمام. والأصلُ


(١) ينظر: المغني لابن قدامة ١/ ٤٣٥.
(٢) هو هقل بن زياد بن عُبيد الله، ويقال: ابن عُبيد السَّكسكيّ، كاتب الأوزاعيّ. وهقل لقبٌ غلب عليه، واسمه محمد، وقيل: عبد الله.
(٣) في ج بدلًا: "وقتُ".
(٤) ينظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (٤٧٩٥)، والأوسط لابن المنذر ٣/ ١١٨.
(٥) حرف النفي لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>