للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بعضُها عَنوةً، وبعضُها صُلحًا، قال: فالكُتَيبةُ (١) أكثرُها عَنوةٌ، وفيها صُلْحٌ، قلتُ لمالكٍ: وما الكُتَيبةُ؟ قال: مِن أرضِ خيبرَ، وهي أربعونَ ألفَ عَذْقٍ (٢).

قال مالكٌ: وكتَب أميرُ المؤمنينَ -يعني المهديَّ- أنْ تُقسَمَ الكُتَيبةُ مع صدقاتِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فهم يقسِمونها في الأغنياءِ والفقراءِ. فقيل لمالكٍ: أفترَى ذلك للأغنياءِ؛ قال: لا، ولكن أرى أنْ يفرِّقوها على الفقراءِ (٣). قال إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: وكانت خيبرُ جماعةَ حصونٍ، فافتُتِحَ بعضُها بقتالٍ، وبعضُها سلَّمَه أهلُه على أنْ تُحقَنَ دماؤُهم.

وقال موسى بنُ عقبةَ: كان ممَّا أفاءَ اللهُ على رسولِه -صلى الله عليه وسلم- مِن خيبرَ نصفُها؛ كان النِّصفُ لله ورسولِه، والنِّصفُ الآخرُ للمسلمينَ، فكان الذي لله ولرسولهِ النِّصفُ: وهي: الكُتيبةُ، والوطيحُ، وسُلالِمُ، ووخْدَةُ، وكان الباقيَ للمسلمين: نَطاةُ، والشَّقُّ (٤).

قال موسى بنُ عقبةَ: ولم يُقسَمْ مِن خيبرَ شيءٌ إلّا لمَن شهِد الحديبيةَ. قال ابنُ عقبةَ: وقد ذكروا، واللهُ أعلمُ، أنّه قدِم على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ناسٌ كثيرٌ بخيبرَ، فرأى ألّا يُخيِّبَ مسيرَهم، وسأل أصحابَه أنْ يَشرَكوهم. قال: ولما قدِم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِن الحديبيةِ مكَث عشرينَ ليلةً أو قريبًا منها، ثم خرَج غازيًا إلى خيبرَ، وكان اللهُ وعَده إيَّاها وهو بالحديبيةِ.


(١) في د ١: "الكثيبة" بالثاء المثلثة، وهي كذلك في تاريخ المدينة لابن شبَّة، والروض المعطار، ص. ٤٩. وجاءت عند أبي داود والبيهقي وغيرهما بالتاء المثناة كما أثبتنا، وكذا ضبطها ياقوت في معجم البلدان ٤/ ٤٣٧.
(٢) يعني: نخلة.
(٣) أخرجه ابن شبَّة في تاريخ المدينة ١/ ١٦، وأبو داود (٣٠١٧ م) بإثر الحديث (٣٠١٧)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٣١٧ (١٣٢٠٧) من طرق عن عبد الله بن وهب، به. وهو مرسل.
(٤) ينظر: البيان والتحصيل لمحمد بن رشد ١٧/ ٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>