للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنيةٍ صادقةٍ، وقلبٍ صافٍ، ليس بساهٍ ولا لاهٍ، فيوافقُ الملائكةَ الذين في السماءِ الذين يستغفرون لمَن في الأرض، ويدعون لهم بنياتٍ صادقةٍ، ليس عن قلوبٍ لاهيةٍ - غُفِر له إذا أخلصَ في دعائِه. واحتجُّوا بقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعا أحدُكم فليَجتهدْ وليُخلصْ؛ فإن اللهَ لا يقبلُ الدعاءَ من قلبٍ لاهٍ" (١). وقال - صلى الله عليه وسلم - "اجتهِدوا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يُستجابَ لكم" (٢). فكأنه أراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمَن وافَق تأمينُه تأمينَ الملائكة": الذين يُخلصونَ في الدعاء، "غُفِر له". وهذا تأويلٌ عندي (٣) فيه بُعدٌ.

وقال آخرون: إنما أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "فمَن وافَق تأمينُه تأمينَ الملائكة": الحثَّ على الدعاءِ للمؤمنين والمؤمنات في الصلاة، فإن الملائكةَ تستغفرُ للمؤمنين في الأرض، فمَن دعا في صلاتِه للمؤمنين غُفِر له؛ لأنّه يكونُ دعاؤُه حينئذٍ موافقًا لدعاءِ الملائكةِ المستغفرين لمَن في الأرض من المؤمنين، وفي قوله: {اهْدِنَا} للداعي وأهلِ دينِه إن شاء الله، والتأمينُ على ذلك، فلذلك نُدِب إليه. والله أعلم.

وقال آخرون: إن الملائكةَ من الحَفَظةِ الكاتبين، والملائكةَ المتعاقبين لشهودِ الصلاةِ مع المؤمنين - يؤمِّنون عندَ قول القارئ: {وَلَا الضَّالِّينَ}. فمَن فعَل مثلَ فعلِهم وأمَّن، غُفِر له، يحضُّهم بذلك على التأمين، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: ١٠ - ١١]. وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) لم نقف عليه بهذا اللفظ، لكن أخرجه الترمذي (٣٤٧٩) من حديث أبي هريرة بلفظ: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ" وقال: هذا حديث غريب. قلنا: في إسناده صالح المري وهو متروك.
(٢) أخرجه مسلم (٤٧٩)، وأبو داود (٨٧٦)، والنسائي (١٠٤٥) من حديث عبد الله بن عباس.
(٣) الظرف سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>