للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك رَواه معمرٌ وابنُ جريج.

ذكَر عبدُ الرزاق (١)، عن معمرٍ وابن جُريج، عن الزهريِّ، عن ابنِ المُسيِّب وأبي سلَمةَ، عن أبي هريرةَ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "العَجَماءُ جُبَارٌ، والبئرُ جَرْحُها جُبَارٌ، والمعدِنُ جَرْحُه جُبَار، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ".

والعَجْماءُ عندَ العرب: كُلُّ بَهِيمَةٍ وسَبُعٍ وحَيَوانٍ غيرِ ناطقٍ مُفْصِح (٢).

قال الشاعِرُ (٣) يَصفُ كلبًا:

يكادُ إذا ما أبصَرَ الضيفَ مُقبِلًا ... يُكَلِّمُه من حُبِّه وهْوَ أعْجَمُ

وقال حميدُ بنُ ثَوْرٍ يصفُ حمامةَ:

ولم أرَ مَحزُونًا له مثلُ صَوتِها ... ولا عَرَبِيًّا شاقَه صَوْتُ أعْجَما

قال ابنُ جُريج: والجُبَارُ في كلام أهلِ تِهامةَ: الهَدْرُ، والرِّكازُ: ما وُجِد في مَعْدِنٍ وما استُخْرِج منه، وما وُجِدَ من مالٍ مَدْفُونٍ كان قبلَ هذه الأُمَّة. وقال ابنُ جُريج: وأقول: هو مَغنَمٌ. وقال أهلُ اللغة: الجُبَارُ: الهَدْرُ الذي لا يَجِبُ فيه شيءٌ، وجَرحُ العَجْماءِ: جِنايَتُها.

وأجمَعَ العلماءُ على أنَّ العَجْماءَ إذا جَنَت جِنايَةً نهارًا، أو جرَحَت جَرْحًا لم يكنْ لأحَدٍ فيه سَبَبٌ، أنّه هَدْرٌ، لا دَيَةَ فيه على أحَدٍ ولا أَرْشَ (٤). واختَلَفوا في المواشي يُهمِلُها صاحبُها ولا يُمسِكُها ليلًا، فتخرُجُ فتُفسِدُ زرعًا أو كَرْمًا أو غيرَ ذلك من ثمارِ الحوائطِ والأجِنَّةِ وخُضَرِها. وسنذكُرُ اختلافَهم في ذلك، ونُوضحُ


(١) في المصنَّف (١٨٣٧٣)، ومن طريقه أخرجه أحمد ١٢/ ٤٢٥ (٧٤٥٧) و ١٣/ ١٣٣ (٧٧٠٤).
(٢) انظر غريب الحديث لأبي عُبيد القاسم بن سلّام ١/ ٢٨١.
(٣) هو إبراهيم بن هرمة. انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة ٢/ ٧٤٢.
(٤) وممن حكى الإجماع على ذلك أيضًا القاضي عياض في إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم ٥/ ٥٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>