للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَرَ إسماعيلُ القاضي، قال: حدَّثنا الهَرَويُّ، عن هُشَيم، قال: حدَّثنا أشعثُ، عن ابن سيرينَ، عن شريح، أنّه كان يُضَمِّنُ الفارِسَ ما أوْطَأت دابَّتُه بيدٍ أو رِجْلٍ، ويُبْرِئُ من النَّفْحَة (١). قال إسماعيلُ: وقاله الحسنُ، والنخَعيُّ؛ وذلك لأنَّ الراكِبَ كان سبَبَه (٢).

وقال مالكٌ: إنْ فَزَّعها الراكبُ أو عَنَّتها، ضَمِن ما أصابَت برجلِها، وإن لم يُفَزِّعْها، ولم يُعَنِّتْها، لم يَضمَنْ ما أصابَت برجْلِها، ويَضمَنُ ما أصابَت بمُقَدَّمِها على كلِّ حالٍ (٣). وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه في نَفْحَةِ الدَّابةِ برِجْلِها: إذا كان صاحِبُها يسيرُ عليها فالضمانُ عليه (٤). وقد رُوِيَ عن شريح أنّه أبطَلَ النَّفْحَةَ بالرِّجْل (٥). قال الطحاويُّ: لا يُمكِنُه التحفُّظُ من الرِّجْلِ والذَّنَب، فهو جُبَارٌ على كلِّ حالٍ، ويُمكِنُه التحَفُّظُ من اليَدِ والفَم، فعليه ضمانُه (٦).

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: لا ضمانَ على أصحابِ البهائمِ فيما تُفسِدُ وتَجني عليه، لا في الليل ولا في النهار، إلّا أن يكونَ راكبًا، أو سائقًا، أو قائدًا، أو مرسِلًا (٧). وقال الشافعيُّ: الضَّمانُ عن البهائم على وجهَيْن؛ أحدُهما، ما أصابَت من الزرعِ بالليلِ فأفسَدَته. والوجهُ الثاني، إذا كان الرجلُ راكبًا، فما أصابَت بيَدِها، أو رِجلِها، أو فَمِها، أو ذَنَبِها، من نَفْسٍ أو جُرْح، فهو ضامِنٌ؛ لأنَّ عليه مَنْعَها


(١) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٧٨٧٨) و (٢٧٩٣٧).
(٢) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٧٨٧٨) و (٢٧٨٨٠).
(٣) المدونة ٤/ ٦٦٤.
(٤) تحفة الفقهاء للسمرقندي ٣/ ١٢٣.
(٥) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٧٩٣٧).
(٦) مختصر اختلاف العلماء ٥/ ١٥٢ المسألة (٢٢٦٦).
(٧) المصدر السابق ٥/ ٢١١ المسألة (٢٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>