للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تلك الحال من كلِّ ما تُتْلِفُ به شيئًا (١). قال: وكذلك إذا كان سائقًا أو قائدًا، وكذلك الإبلُ المُقطَرَةُ بالبَعير؛ لأنّه قائِدُها. قال: ولا يجوزُ في هذا إلّا ضمانُ كلِّ ما أصابَت به الدابَّة تحتَ الرّاكِب، أولا يَضْمَنُ إلّا ما حمَلَها عليه؛ لا يصِحُّ إلّا أحَدُ هذين القولَين، فأمّا مَن ضَمَّن عن يَدِها، ولم يُضَمِّنْ عن رِجْلها، فهو تحَكُّم. قال: وأمّا ما رُوِي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من أنَّ الرِّجْلَ جُبَارٌ، فهذا خطأٌ؛ لأنَّ الحُفَّاظَ لم يحْفَظوه هكذا (٢). قال: ولو أوقَفَها في مَوْضع ليس له أن يُوقِفَها فيه، ضَمِن، ولو أوقَفَها في مِلكِه لم يَضمَنْ. قال: ولو جعَل في دارِه كلبًا عَقورًا أو حِبَالةً (٣)، فدخَل إنسانٌ فقتَلَه الكلبُ، لم يكنْ عليه شيءٌ. قال المزنيُّ: سواءٌ عندي أَذِن لذلك الإنسانِ أن يدخُلَ الدَّارَ أو لم يأذَنْ (٤). وقال ابنُ شُبرُمة، وابنُ أبي ليلَى (٥): يَضمَنُ ما أتلَفتِ الدّابَّةُ برِجْلِها إذا كان عليها، أو قادَها، أو ساقَها، كما يَضمَنُ ما أتلَفت وهو عليها بغير رِجْلِها. كقولِ الشافعيِّ سواءً. وقال الأوزاعيُّ، والليثُ بنُ سعدٍ (٦) في هذا الباب كلِّه كقول مالك: لا يَضمَنُ ما أصابَتِ الدّابَّةُ برجْلِها من غيِر صُنْعِه، ويَضمَنُ ما أصابَت بيَدِها ومُقدَّمِها إذا كان راكبًا عليها، أو سائقًا لها، أو قائدًا.

قال أبو عُمر: مَن فرَّق بين الرِّجْلِ والمُقَدَّمِ في راكبِ الدّابّةِ وسائِقِها وقائِدِها، فحُجَّتُه أنّه يمكِنُه التحَفُّظُ من جِنايَةِ فَمِها ويَدِها إذا كان راكِبًا عليها أو قائدًا لها، ولا يمكِنُه ذلك من رجْلِها. ومن حُجَّتِه أيضًا ما رُوِيَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه


(١) نقل نحوه عن الشافعي البيهقي في معرفة السنن والآثار ١٣/ ٩٥ (١٧٥٨٥) و (١٧٥٨٦).
(٢) نقله عنه البيهقي في المعرفة ١٣/ ٩٥ (١٧٥٨٧).
(٣) الحبالة: المصيدة. انظر: النهاية مادة (حبل).
(٤) مختصر المزني المطبوع في آخر الأم للشافعي ٨/ ٣٧٦.
(٥) حكاه عن ابن أبي ليلى الشافعي في الأم ٧/ ١٥٨.
(٦) حكاه عن الليث الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٥/ ٢١٢ المسألة (٢٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>