للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يشاء (١). وقال سُحنونٌ في رجل له معادن: إنَّه لا يضُمُّ ما في واحدٍ منها إلى غيرها، ولا يُزَكِّي إلّا عن مئتي درهم أو عشرين دينارًا في كلِّ واحدٍ (٢). وقال محمدُ بنُ مسلمةَ: يَضُمُّ بعضَها إلى بعض، ويُزكِّي الجميعَ، كالزرع. وذكَر المزنيُّ، عن الشافعيِّ، قال: وأمّا الذي أنا واقفٌ فيه، فما يخرُجُ من المعادن (٣). قال المزنيُّ: الأولى به على أصلِه أن يكونَ ما يخرُجُ من المعدِنِ فائدَةً تُزكَّى لحولِه بعد إخراجِه. قال: وقال الشافعيُّ: ليس في شيءٍ أخرَجته المعادنُ زكاةٌ غيرَ الذهبِ والوَرِق (٤). وقال عنه الربيعُ في "البُوَيْطِيِّ": ومَن أصاب من مَعدِنٍ ذهبًا أو وَرِقًا، فقد قيل: هو كالفائدةِ يَستَقبِلُ بها الحولَ. وقيل: إذا بلَغ ما تجبُ فيه الزكاةُ زكَّاه مكانَه (٥). وقال الليثُ بنُ سعدٍ: ما يخرُجُ من المعادِنِ من الذَّهبِ والفِضَّةِ، فهو بمنزِلَة الفائدةِ، يُستأنفُ به حولٌ، ولا تَجري فيه الزكاةُ إلّا مع مُرورِ الحول، وهو قولُ الشافعيِّ فيما حصَّلَه المزنيُّ من مذهبِه (٦)، وقولُ داودَ وأصحابه (٧). قال داودُ: وما خرَج من المعادِنِ فليس برِكازٍ، إنَّما الرِّكازُ دِفْنُ الجاهليّة، وفيه الخمُسُ لغيرِ الواجِدِ، وما يخرُجُ من المعادنِ فهو فائدةٌ، إذا حال عليها الحولُ عند مالكٍ صحيحِ المِلْك، وجَبَتْ فيها الزكاةُ في الفِضَّةِ والذَّهب على مِقدارَيْهما. وحُجَّةُ مالكٍ في إيجابِه الزكاةَ في المعادنِ حديثُ ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن (٨)، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أقطَعَ


(١) المدونة ١/ ٣٣٨ - ٣٣٩.
(٢) شرح مختصر خليل للخرشي ٢/ ١٩١.
(٣) انظر: الأم ٢/ ٤٧.
(٤) انظر: مختصر المزني ٨/ ١٤٩.
(٥) انظر: المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١/ ٢٩٨.
(٦) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٥٨.
(٧) انظر: المحلى لابن حزم ٤/ ٢٢٧.
(٨) هو في الموطأ ١/ ٣٣٩ (٦٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>