للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحتمِلُ أن يكونَ الجارُ المذكورُ في هذا الحديثِ هو الشَّريكَ في المُشاع، والعربُ قد تُسَمِّي الشريكَ جارًا، والزوجةَ جارةً. وإذا حُمِلَ على هذا لم تتعارَضِ الأحاديثُ، على أنِّي أقولُ: إنَّ حديثَ عبدِ الملكِ هذا في ذكرِ الطريق، قد أنكَره يحيى القطانُ وغيرُه، وقالوا: لو جاء بآخَرَ مثلِه تُرِك حديثُه. وليس عبدُ الملك هذا ممّا يُعارَضُ به أبو سلمةَ وأبو الزُّبير، وفيما ذكَرنا من روايتِهما عن جابرٍ ما يدفَعُ روايةَ عبدِ الملك هذه، وإيجابُ الشُّفْعَةِ إيجابُ حُكم، والحكمُ إنَّما يجبُ بدليلٍ لا مُعارضَ له، وليس في الشُّفْعَةِ أصلٌ لا اعتراضَ فيه ولا خلافَ إلّا في الشريكِ المُشاع، فقِفْ عليه. وفي قولِ جابرِ بنِ عبدِ الله: إنَّما جعَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ


= في عبد الملك بسبب هذا الحديث لا يقدح فيه فإنه ثقة، وشعبة لم يكن من الحذّاق في الفقه ليجمع بين الأحاديث إذا ظهر تعارضها، إنما كان حافظًا، وغير شعبة إنما طعن فيه تبعًا لشعبة. قلنا: هشيم: هو ابن بَشير. وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (١٧٨٢)، وابن ماجة (٢٤٩٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٢٠ من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد.
وأخرجه محمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة ٣/ ٧٥، وعبد الرزاق (١٤٣٩٦)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٢١٧١١)، والدارمي (٢٦٦٩)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف للمزي (٢٤٣٤)، وأبو العباس السرّاج في حديثه برواية زاهر الشحّامي (١٢٦٥) والطحاوي في شرح المعاني ٤/ ١٢٠، والعقيلي في الضعفاء ٣/ ٣١، والرامهرمزي في المحدّث الفاصل ص ٣٣٩، والطبراني في الأوسط (٥٤٦٠)، وأبو طاهر المخلّص في المخلِّصيات (١٣٧٨)، والبيهقي في السنن الكبرى ٦/ ١٠٦ من طرق عن عبد الملك، به.
قال الخطابي في معالم السنن ٣/ ١٥٥ - ١٥٦: قد يحتمل أن يوفق بينه وبين الحديث الآخر فيُتأول على المشاع، لأن الطريق إنما يكون واحدًا على الحقيقة في المشاع دون المقسوم.
وجمع بينهما الطحاوي في شرح المعاني ٤/ ١٢٠ أن حديث أبي الزبير عن جابر إخبار عن حكم الشفعة للشريك في الذي بيع منه ما بيع، وحديث عطاء عن جابر إخبار عن حكم الشفعة في المبيع الذي لا شركة لأحد فيه بالطريق.
قال بشار: الحق مع الأئمة: شعبة، وأحمد، والبخاري، وليس بعد قولهم عند اجتماعهم قول.

<<  <  ج: ص:  >  >>